زاهي حواس
قام نيكولاس كلاب، ويطلق على نفسه أنه عالم آثار من الهواة؛ أي أنه غير مختص في الآثار، بالبحث عن الآثار؛ لأنه مغامر، وفي الوقت نفسه يعرف أن الكشف عن مدينة عُبار الغامضة قد يضعه بين مشاهير علماء الآثار؛ ولذلك قام كلاب بمراجعة كل ما كتبه العالم الإنجليزي توماس ويبر، الذي جرى وراء كلام البدو في تلك المنطقة بأنهم عثروا على أدلة أثرية تؤدي للكشف عن هذه المدينة. وقد توفي توماس… وجاء بعد ذلك كلاب، وبدأ بحثه، وقدم لنا طريقتين لإثبات وجود مدينة عُبار؛ فقد وجد أن الآثار التي ذكرها البدو موجودة بالفعل. وعلى هذا الأساس؛ تقدم بطلب إلى وكالة «ناسا» الفضائية ليحصل على صور جوية بالقمر الصناعي لتلك المنطقة. واستطاع أن يقنع سلطات «ناسا» بأن تقوم بالتقاط صور جوية. وبعد ذلك قام كلاب بدراسة المخطوطات والخرائط القديمة بمكتبة هنتنغتون بولاية كاليفورنيا بهدف الحصول على خريطة للمنطقة. وبعد فترة قصيرة من البحث وجد واحدة… وهي خريطة رسمها بطلمي عام 200 ميلادية؛ وهو عالم جغرافي يوناني مصري. وتوضح الخريطة مكان مدينة قديمة اكتشفت بالمنطقة والطرق التي تؤدي إلى تلك المدينة. وفي الوقت نفسه تلقى أخباراً بالتقاط وكالة «ناسا» الفضائية للصور التي جعلت بعض آثار القوافل مرئية بعد أن كان من الصعب تمييزها بالعين المجردة؛ وإنما فقط كان يمكن رؤيتها بشكل كُلّي من السماء. وبمقارنة تلك الصور بالخريطة القديمة التي حصل عليها، توصل كلاب أخيراً إلى النتيجة التي كان يبحث عنها؛ ألا وهي أن الآثار الموجودة في الخريطة القديمة تتطابق مع تلك الموجودة في الصور التي التقطها القمر الصناعي.
وأخيراً، وعلى هذا الأساس، أعلن أنه قد تم اكتشاف مكان المدينة الأسطورية التي ظلت طويلاً موضوعاً للقصص التي تناقلتها ألسنة البدو. وبعد فترة وجيزة، بدأت عمليات الحفر وبدأت الرمال تكشف عن أسرار المدينة القديمة؛ ولذلك وصفت المدينة القديمة بأنها أسطورة الرمال «عُبار». ورغم ذلك، فإنني لم أجد فيما نشر عن هذا الموضوع أي دليل مكتوب يشير إلى أن هذه المدينة هي مدينة عُبار؛ لأن هناك من يحاول أن يربطها بمدينة قوم عاد التي ذكرها القرآن الكريم؛ لذلك فلم أجد الأدلة الكافية التي تثبت ذلك. وسوف نعود إلى هذا الموضوع في مقال آخر. ولكن هنا أذكر أهمية البدو في الكشف عن الآثار؛ فقد ذهبتُ إلى جنوب اليمن خبيراً للجامعة العربية للعمل في المسح الأثري بالمدينة الثانية. وكان اليمن الجنوبي في ذلك الوقت تحت الحكم اليساري، ولم يكن ضُم إلى الشمال ليصبح دولة واحدة، ولم تكن لديّ أي معلومات عن مواقع الآثار الموجودة في هذه المنطقة؛ لذلك لم يكن أمامي غير أن أعتمد على البدو، خصوصاً لأنهم يرعون الأغنام على قمم الجبال. وكنت أسألهم سؤالاً مباشراً عن مواقع الجن؛ لأنهم يربطون المواقع الأثرية بالجن. واستطعت أن أسجل أكثر من 40 موقعاً أثرياً جديداً غير معروف من قبل.
وأخيراً، وعلى هذا الأساس، أعلن أنه قد تم اكتشاف مكان المدينة الأسطورية التي ظلت طويلاً موضوعاً للقصص التي تناقلتها ألسنة البدو. وبعد فترة وجيزة، بدأت عمليات الحفر وبدأت الرمال تكشف عن أسرار المدينة القديمة؛ ولذلك وصفت المدينة القديمة بأنها أسطورة الرمال «عُبار». ورغم ذلك، فإنني لم أجد فيما نشر عن هذا الموضوع أي دليل مكتوب يشير إلى أن هذه المدينة هي مدينة عُبار؛ لأن هناك من يحاول أن يربطها بمدينة قوم عاد التي ذكرها القرآن الكريم؛ لذلك فلم أجد الأدلة الكافية التي تثبت ذلك. وسوف نعود إلى هذا الموضوع في مقال آخر. ولكن هنا أذكر أهمية البدو في الكشف عن الآثار؛ فقد ذهبتُ إلى جنوب اليمن خبيراً للجامعة العربية للعمل في المسح الأثري بالمدينة الثانية. وكان اليمن الجنوبي في ذلك الوقت تحت الحكم اليساري، ولم يكن ضُم إلى الشمال ليصبح دولة واحدة، ولم تكن لديّ أي معلومات عن مواقع الآثار الموجودة في هذه المنطقة؛ لذلك لم يكن أمامي غير أن أعتمد على البدو، خصوصاً لأنهم يرعون الأغنام على قمم الجبال. وكنت أسألهم سؤالاً مباشراً عن مواقع الجن؛ لأنهم يربطون المواقع الأثرية بالجن. واستطعت أن أسجل أكثر من 40 موقعاً أثرياً جديداً غير معروف من قبل.