شرق أوسط
هيئة تحرير الشام “فصيل” يُمسك مفتاح نجاح إتفاق ادلب
– يتوقف نجاح الإتفاق الروسي التركي بشأن محافظة ادلب السورية على التزام التنظيمات الارهابية لا سيما هيئة تحرير الشام بتنفيذه، خصوصاً لناحية اخلاء مقاتليها لمواقعهم داخل المنطقة المنزوعة السلاح بعد سحب السلاح الثقيل منها.
وتسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) مع مجموعات متشددة على ثلثي مساحة المنطقة المنزوعة السلاح التي تشمل أطراف إدلب وأجزاء من محافظات مجاورة ويراوح عرضها بين 15 و20 كيلومتراً.
وتضمّن الاتفاق الذي أعلنته موسكو، حليفة دمشق، وأنقرة الداعمة للمعارضة، مهلتين زمنيتين لإقامة المنطقة العازلة، إذ يتوجب على كافة التنظيمات الارهابية سحب أسلحتها الثقيلة منها بحلول الأربعاء. كما يتعيّن على التنظيمات الارهابية على رأسها هيئة تحرير الشام إخلاء مواقعها في تلك المنطقة في مهلة أقصاها الاثنين المقبل.
وبعد سحب التنظيمات الارهابية سلاحها الثقيل بموجب الاتفاق الذي جنّب ادلب هجوماً واسعاً لوحت به دمشق على مدى أسابيع، يشكل إنسحاب المقاتلين الإرهابيين المهمة الأصعب التي من شأنها أن تحدد مدى نجاح الاتفاق، بحسب محللين.
وفي ما يلي نبذة عن هذا الفصيل.
– من هي هيئة تحرير الشام؟ –
ظهرت جبهة النصرة في سوريا للمرة الأولى في كانون الثاني/يناير العام 2012، وشكلت حينها امتداداً لدولة العراق الاسلامية، فرع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.
وفي نيسان/أبريل 2013، رفضت الاندماج مع داعش وبايعت زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، الذي أعلن في تشرين الثاني/نوفمبر من العام ذاته أنها الممثل الوحيد لتنظيم القاعدة في سوريا.
وأعلن زعيمها الحالي، وهو سوري يعرف باسم أبو محمد الجولاني، في تموز/يوليو 2014 سعيه لإقامة “إمارة اسلامية” مماثلة “للخلافة” التي أعلنتها داعش آنذاك.
وتصنف كل من واشنطن والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة المجموعة على أنها منظمة “إرهابية”.
وتعاونت هيئة تحرير الشام مع فصائل معارضة في قتال قوات النظام على جبهات عدة، وتمكنت في العام 2015 من السيطرة مع فصائل اسلامية على كامل محافظة إدلب وطرد القوات الحكومية منها.
ونتيجة ضغوط جراء ارتباطها بتنظيم القاعدة وتأثير ذلك على الفصائل المعارضة المتحالفة معها، أعلن الجولاني في تموز/يوليو 2016 فك ارتباط جبهة النصرة مع تنظيم القاعدة وتغيير اسمها إلى جبهة فتح الشام.
وإثر اقتتال داخلي مع الفصائل في إدلب، أعلنت في كانون الثاني/يناير 2017 إندماجها مع فصائل أخرى تحت مسمى “هيئة تحرير الشام”، وتولى الجولاني قيادتها العامة.
وبرغم تغيير هذا الفصيل لاسمه مرات عدة، إلا أن نظرة دمشق وحليفتها موسكو وبقية الدول الغربية اليه لم تتغير. وما زالت تسميه جبهة النصرة.
وتضم هيئة تحرير الشام حالياً في صفوفها نحو ثلاثين ألف مقاتل، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، بينهم عشرة آلاف أجنبي.
ويقول الباحث في الشؤون السورية فابريس بالانش إن جهاديي الفصيل “منظمون للغاية ومتشددون”.
ويتحدر المقاتلون الأجانب في صفوفها من دول الشرق الأوسط، بالاضافة الى “أقاليم تتحدث باللغة الروسية وأوروبا وشرق آسيا”.
– ما مدى نفوذها؟ –
بعد انتشارها في مناطق عدة، بات وجود هيئة تحرير الشام وعلى وقع تقدم قوات النظام، يقتصر على محافظة إدلب التي تسيطر على الجزء الأكبر منها.
وبعد جولات اقتتال مع بقية الفصائل في العامين 2017 و2018، تمكنت الهيئة كونها الأكثر قوة وتنظيماً من طرد الفصائل من مناطق واسعة في إدلب، وبسطت سيطرتها على أكثر من 60 في المئة منها.
ومنذ آب/أغسطس، تحالفت الفصائل الأخرى المناوئة لها وعلى رأسها حركة أحرار الشام وحركة نور الدين الزنكي وفيلق الشام تحت مسمى الجبهة الوطنية للتحرير وتنتشر في مناطق عدة في ادلب.
وتسيطر هيئة تحرير الشام على أبرز المعابر التجارية في إدلب إن كانت تلك التي تربط بمناطق سيطرة قوات النظام أو بتركيا شمالاً.
ويقول الباحث في المعهد الأميركي للأمن نيكولاس هيراس إن نفوذ هيئة تحرير الشام “يعود بشكل كبير لكونها تسيطر على الحركة التجارية من وإلى إدلب، والتي تساهم في تمويلها وتمنحها سلطة أكبر من حجمها”.
ولطالما شكل تحالف هيئة تحرير الشام مع الفصائل المعارضة عائقاً أمام وقف إطلاق النار أو اتفاق خفض التصعيد، إذ تم استثناؤها من كافة تلك الاتفاقيات إلى جانب داعش كونها مجموعة جهادية رغم محاولاتها فصل نفسها عن تنظيم القاعدة.
– ما هو مستقبل الهيئة؟ –
كسر الجولاني في 22 أغسطس/آب الماضي حاجز الصمت الذي لزمه طويلاً ليؤكد عزمه التصدي لأي هجوم قد تشنّه دمشق.
وقال “إن مجرد التفكير في الاستسلام للعدو وتسليم السلاح له لهو خيانة”.
وجنّب الاتفاق الروسي التركي الشهر الماضي ادلب ومحيطها هجوماً واسعاً لوحت به دمشق على مدى أسابيع تزامناً مع ارسالها تعزيزات عسكرية الى تخوم المحافظة.
وينص الاتفاق على إنشاء منطقة عازلة يتراوح عرضها بين 15 و20 كيلومتراً تضم مناطق سيطرة الفصائل المعارضة على أطراف إدلب وريف حلب الغربي وريف حماة الشمالي وريف اللاذقية الشمالي، خالية من الاسلحة الثقيلة ومن “المقاتلين المتشددين” في إشارة الى هيئة تحرير الشام و إرهابيين.
ولم تعلن هيئة تحرير الشام أي موقف رسمي من الاتفاق لكنها بادرت مع مجموعات أخرى الى سحب سلاحها الثقيل من المنطقة العازلة، وفق المرصد السوري ومصادر محلية.
ولم يتضح بعد ما إذا كانت الهيئة ستلتزم بالمهلة الثانية المحددة في الاتفاق، إذ عليها اخلاء مقاتليها من المنطقة المنزوعة السلاح حتى يوم الاثنين المقبل. (أ ف ب)