حقوق إنسان
باكستان تخفق في حماية المتحولين جنسيا حتى بعد إقرار قانون خاص بهم العام الماضي
ـ إسلام آباد ـ عندما كانت طفلة، هجرتها أسرتها. وعندما أصبحت مراهقة، تجاهلها المجتمع الباكستاني المحافظ. وعندما أصبحت بالغة، رفضتها الدولة.
ولم تكن الحياة أبدا سهلة بالنسبة لــ”لبنى ناصر”، والآلاف من النساء المتحولات جنسيا مثلها، اللاتي تواجهن معركة ضارية ضد وصمهن بالعار، وهن يعشن على هامش المجتمع.
وتقول لبنى حول حياتها، وهى تجلس على أرضية مسكنها المكون من غرفة واحدة، التي تتشاركها مع ثلاث نساء أخريات متحولات في ضواحي العاصمة إسلام آباد ” حياتي كانت و لازالت كابوسا”. وتضيف وهى تنفث سيجارتها ” الناس يعاملوننا بصورة بشعة، والشرطة والإعلام يتجاهلوننا تماما”.
وكانت لبنى، وهى الآن في أواخر الثلاثينيات من عمرها، قد اضطرت للفرار من منزل أسرتها عندما كانت مراهقة عندما اكتشفوا أنها من المتحولين جنسيا.
وكانت لبنى تبلغ من العمر 12 عاما عندما أدركت أن الحياة في المنزل مستحيلة، حيث تعامل أفراد الأسرة معها بعدائية عندما بدأت في ارتداء ملابس مثل الفتيات والتصرف بطريقة أنثوية. وأوضحت لبنى” لقد كنت صبيا بروح فتاة”.
وتعرضت لبنى للضرب على يد أفراد أسرتها، وعندما بلغت، تعرضت لمحاولة اغتصاب، ولكنها تقول إن الشرطة والنظام القضائي تجاهلا تماما معاناتها.
ويواجه الآلاف من المتحولين جنسيا الآخرين في باكستان مشاكل مماثلة، تشمل القتل والعنف والإهانة و الاعتداء الجنسي. ويذكر أنه تم قتل أكثر من 500 من المتحولين جنسيا في البلاد في الفترة ما بين 2015 و 2018، ونادرا ما تتم معاقبة قاتليهم، وذلك بحسب تقرير للجنة التشريع والقضاء.
وتقول منظمة بلو فينز الحقوقية إن جميع المتحولين جنسيا تقريبا في باكستان وأفغانستان يواجهون اعتداءات بدنية وجنسية وتمييز ورفض على الأقل مرة في حياتهم.
وتحدث الاعتداءات ليس فقط في نطاق الأسر والمجتمع الأوسع نطاقا، ولكن أيضا على أيدي بعض من المتحولين جنسيا المماثلين لهم.
وتقدم حياة “عثماني خان”، السيدة المتحولة جنسيا من مدينة بيشاور بشمال غرب باكستان مثالا شنيعا . فقد غادرت عثماني المنزل سعيا لمكان تلجأ إليه، ولكن باعها زعيم جماعة داخل مجتمع المتحولين جنسيا إلى رجل اغتصبها و اعتدى عليها جسديا. ولا تعد قصة عثماني / 25 عاما/ قصة غير عادية. فغالبا ما تهجر الأسر أطفالهم المتحولين جنسيا لأنهم يعتبرونهم من الآثمين، مما يضطرهم للجوء للتسول أو الدعارة. ويعد القبول الاجتماعي لهم غير موجود تقريبا، كما أن الدولة تتجاهلهم.
وكان يجب أن يتغير الوضع عندما صدقت الحكومة الباكستانية السابقة على قانون يوفر الاعتراف و الحماية الاجتماعية للأفراد المتحولين جنسيا. وبدأ سريان القانون في آيار/مايو .2018
ويتعهد قانون حماية حقوق المتحولين جنسيا، وهو الأول من نوعه في باكستان، بحماية حقوق المتحولين جنسيا ويقر إجراءات عديدة لمساعدتهم على عيش حياة أكثر كرامة.
وكان الأمر الأكثر أهمية هو السماح للأفراد المتحولين جنسيا بالحصول على بطاقة هوية وطنية، مما يضمن حصولهم على الخدمات الحكومية الحيوية مثل رخصة القيادة وجواز السفر. ونص القانون على عقوبات بالسجن والغرامة بحق من يتم إدانتهم بارتكاب جميع أشكال العنف بحق المتحولين جنسيا- جنسيا وبدنيا وعاطفيا ونفسيا.
كما ينص القانون على أنه لا يمكن حرمان المتحولين جنسيا من شغل وظائف في القطاع الخاص أو العام بسبب جنسهم، كما أنه يحق لهم الحصول على الخدمات التعليمية مجانا.
ولكن هذا القانون بالكاد تمكن من إحداث تغيير إيجابي، وفقا لما قاله تيمور كمال، الناشط في مجال حقوق المتحولين جنسيا في بيشاور.
ويقول كمال ” حياتهم كانت بائسة قبل القانون، ومازالت على نفس الحال” . وأرجع ذلك بصورة أساسية إلى عدم تطبيق القانون. ويشير كمال إلى أن ما لا يقل عن 12 شخصا من المتحولين جنسيا تم قتلهم في إقليم واحد هو خيبر-باختونخوا بشمال غرب باكستان منذ أن تم التصديق على القانون.
ويضيف” والجزء الأسوأ هو عدم إلقاء القبض على القتلة في جميع الحوادث ماعدا واقعة واحدة”.
ويقول خبراء قانونيون إنه لكي يكون القانون ناجحا، يجب أن تصاحبه إجراءات اجتماعية مثل توعية وكالات إنفاذ القانون والرأي العام.
ويقول رضوان خان، المحامي المقيم في إسلام آباد “مستوى الحساسية في مؤسسات الدولة مثل الشرطة تجاه القضايا المتعلقة بالمتحولين جنسيا مازال منخفضا للغاية”.
وأضاف” سوف تستغرق عملية تغيير عقلية هياكل الشرطة والقضاء التي تعود للعهد الاستعماري وقتا طويلا”.
ويقول ضحايا عمليات الاعتداء إن الشرطة غالبا ما تكون مترددة في متابعة شكواهم، كما أن المحاكم لا تأخذ قضاياهم على محمل الجد.
وفي بعض الأحيان، يتم حرمان المتحولين جنسيا من الحصول على الخدمات الطبية بالمستشفيات الحكومية. كما أنه حتى العام الماضي، لم يكن هناك قانون ينص على تسجيل المتحولين جنسيا كمواطنين. وفي الوقت الحالي، يتعين على لبنى وعثماني الاعتماد على قوتيهما للتعامل مع ما يحدث لهما.
ولكن سيعتمد ما إذا كانت الحياة سوف تتحسن بالنسبة للمتحولين جنسيا في باكستان على كيفية وسرعة قيام مؤسسات الدولة بتطبيق القانون الجديد.
ويختتم كمال حديثه قائلا ” وإلا، فإن القانون سوف يكون مجرد قطعة ورق مثل الكثير من الورق. غير مفيدة ولا تساعد فى شىء”. (د ب ا)