أقلام يورابيا

تحالف بحري أمريكي في الخليج لتأمين ناقلات النفط هل يفضي الي حرب في ضوء تجربة حرب الخليج الاولي؟

صلاح لبيب

*صلاح لبيب

كثفت الولايات المتحدة من مشاوراتها مع القوى الرئيسية فى العالم لتشكيل تحالف دولي قوامه قوات بحرية مهمتها حماية ناقلات النفط في مضيق هرمز بعد هجمات عدة بدأت باعتداءات على ناقلات نفط سعودية وسفينة شحن إماراتية ونرويجية في الثاني عشر من مايو أعقبها اعتداء على ناقلتي نفط يابانية ونرويجية بعده بشهر جرى توجيه أصابع الاتهام لإيران ولكنها نفت تورطها في أي اعتداءات.

ولكن المواجهة غير المباشرة بين الولايات المتحدة حلفائها من جانب وإيران من جانب آخر اتخذت منعطفا جديدا عندما قامت طهران باحتجاز ناقلة نفط بريطانية قبل أيام في مضيق هرمز بدعوى ارتكاب مخالفة قانونية ولكنها فيما يبدو جاءت ردا على احتجاز لندن ناقلة نفط إيرانية في الرابع من يوليو في مياه متنازع عليها بين بريطانيا وإسبانيا في مضيق جبل طارق، بذريعة انتهاكها حظرا أوروبيا على سوريا.

ويبدو أن أميركا كانت مستعدة للتصعيد الإيراني إذ سعت إلى تشكيل تحالف دولي أوسع يشمل حلفائها وحلفاء إيران هدفه تأمين الملاحة في مضيق هرمز إذ غرد الرئيس الامريكي دونالد ترامب على تويتر في الرابع والعشرين من يونيو الماضي قائلا: “91 في المائة من الواردات الصينية من النفط تمر عبر مضيق هرمز، و62 في المائة (من واردات) اليابان، والأمر ينطبق على كثير من الدول الأخرى”، متسائلاً: “لماذا نحمي هذه الطرق البحرية لحساب دول أخرى دون الحصول على أي تعويض؟ على كل هذه الدول أن تحمي سفنها في هذا الممر الذي كان دائماً خطراً”.

غير أن دعوة ترامب يبدو أنها لم تلقى دعما كبيرا من الحلفاء حتي الآن في ظل تلكؤ كبير خوفا من اندلاع حرب مع إيران ما دعى القيادة المركزية الأميركية قبل ساعات مضت إلى الإعلان عن “عملية الحارس” التي تقول إنها “متعددة الجنسيات” وتهدف لتعزيز الاستقرار البحري وضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الرئيسية في الشرق الأوسط وأوضحت القيادة المركزية أن “إطار الأمن البحري هذا، سيمكّن الدول من توفير حراسة لسفنها التي ترفع علمها مع الاستفادة من تعاون الدول المشاركة للتنسيق وتعزيز الوعي بالمجال البحري ومراقبته” وتابع البيان أن المسؤولين الأميركيين يتابعون التنسيق مع الحلفاء والشركاء في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط حول التفاصيل والقدرات اللازمة لـ”عملية الحارس” لتمكين حرية الملاحة في المنطقة وحماية ممرات الشحن الحيوي

ولا تعد المواجهة الحالية بين الولايات المتحدة وحلفائها من جانب وإيران جديدة إذ أن لكلا الطرفين خبرات طويلة متراكمة من الصراع في جميع أنحاء الخليج العربي ومضيق هرمز وخليج عمان.

ويبدو أن الولايات المتحدة تبني على خبراتها مع إيران خاصة “عمليات القوافل الخليجية” خلال الحرب العراقية الإيرانية بين عامي ألف وتسعمائة وسبعة وثمانين وألف وتسعمائة وثمانية وثمانين حسبما ذكر تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى

فعملية “الحارس” التي أعلنت عنها القيادة المركزية الأميركية لتأمين ناقلات النفط في الخليج تبدو تطويرا لـ “عملية الإرادة القوية” التي أعلنت عنها واشنطن في يوليو من عام ألف وتسعمائة سبعة وثمانين كرد فعل على هجمات إيرانية بواسطة زوارق صغيرة ضد عمليات النقل البحري المحايدة خلال المراحل الأخيرة من حرب الخليج الأولى.

وقتها هدفت العملية الأميركية إلى تأمين ناقلات النفط عبر مرافقة القطع العسكرية الأميركية لناقلات النفط على أساس أنها رادع ضد قيام طهران بأي مغامرة غير محسوبة وفعلا ساهمت عمليات القوافل في تراجع الهجمات الإيرانية بشكل كبير إلا أنها ما لبثت عن عادت بشكل مكثف وهاجمت سفنا حربية أميركية وناقلات نفط خليجية الأمر الذي دفع الجيش الأميركي إلى التخلي عن ضبط النفس والرد بحزم بقصف مواقع عسكرية ونفطية إيرانية وهو ما أدى في النهاية إلي تخلي إيران عن هجماتها ضد ناقلات النفط في الخليج وهو ما تزامن خسائر ميدانية خلال الحرب مع العراق.

وسواء كانت “عمليات القوافل الخليجية” وما تبعها “عملية الإرادة القوية” في الثمانينات يبدو أن “عملية الحارس” تبدو تطويرا لها فالسلوك الإيراني نحو تهديد ناقلات النفط في مضيق هرمز كان في الثمانينات يهدف إلى دفع الولايات المتحدة وحلفائها إلى وقف دعمها للعراق في الحرب وفق الزعم الإيراني وفي الهجمات الإيرانية اليوم يبدو الهدف الإيراني هو الضغط على صانع القرار الأميركي للعودة للاتفاق النووي ووقف العقوبات الاقتصادية التي أنهكت الاقتصاد الإيراني بشكل كبير.

غير أن صعوبات كبيرة تواجه مساعي أميركا لتشكيل حلف دولي لتأمين الممرات المائية الرئيسية فى ظل صعوبات لوجستية وعملياتية وسياسية فعلى سبيل المثال يبلغ عرض مضيق هرمز ثلاثة وثلاثين كيلومتر عند أضيق نقطة فيه ومع تزايد عدد ناقلات النفط العملاقة يبدو من شبه المستحيل مرافقة القطع البحرية العسكرية ناقلات النفد فى مضيق هو مزدحم بشكل كبير الأمر الذي يعني أن تشكيل التحالف البحري يهدف إلى ردع إيران عن محاربة دول عدة أكثر من كونه حراسة مباشرة لناقلات النفط ومن جانب آخر فإن التحالف إذا تم تشكيله واحتجزت طهران سفنا فى المياه الدولية فإن هذا قد يشكل أساسا لردع عسكري مقابل من المجتمع الدولي وربما بغطاء أممي.

* باحث متخصص في العلاقات الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق