تحقيقات

الباجي قائد السبسي رجل السياسة المخضرم

ـ تونس ـ يوصف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي الذي توفي صباح الخميس قبل بضعة أشهر من انتهاء ولايته، بالسياسي المخضرم كونه شغل مناصب عليا في الدولة منذ الاستقلال وأصبح أول رئيس منتخب ديموقراطياً في 2014 بعد ثلاث سنوات على الثورة.

وكان قائد السبسي (92 عاما) أكبر رئيس دولة يتولى مهامه بعد ملكة بريطانيا اليزابيت الثانية.

ولد لعائلة بورجوازية في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1926 في “سيدي بوسعيد” الضاحية الشمالية للعاصمة تونس، وتابع تعليمه العالي بكلية الحقوق بباريس في فرنسا وأصبح محاميا.

وبعيد الثورة التي أطاحت في 14 كانون الثاني/يناير 2011 بنظام بن علي، عاد الى السياسة إذ عينه الرئيس الانتقالي فؤاد المبزع رئيسا للحكومة في 27 شباط/فبراير من العام نفسه في مستهل مرحلة انتقال ديموقراطي في بلد “الربيع العربي”.

ويقول أحد المقربين منه والذي عمل معه لفترات طويلة انه يمتلك “ذكاء سياسيا حادا وبراغماتية استثنائية”.

كلفه الرئيس الحبيب بورقيبة بمهام في ديوان الوزير الأول في أول حكومة تشكلت بعد الاستقلال سنة 1956.

تدرج في مسؤوليات عدة وتولى 3 وزارات سيادية هي الداخلية (1965-1969) والدفاع (1969-1970) والخارجية (1981-1986).

وفي عهد الرئيس زين العابدين بن علي، تولى قائد السبسي رئاسة البرلمان (1990-1991).

وكانت هيئة الحقيقة والكرامة المكلفة بالتحقيق في جرائم تخص تجاوزات حقوق الانسان وجّهت له في نيسان/ابريل الفائت تهمة بكونه كان على علم بممارسات تعذيب طالت معارضين في تلك الفترة.

خبرة في تسيير الدولة

يمتلك الباجي قائد السبسي خبرة سياسية واسعة مكنته من نيل منصب رئيس حكومة انتقالي في 2011 في فترة حساسة تمر بها البلاد آنذاك وتمكن من الوصول بها الى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي فازت بها “حركة النهضة” الاسلامية.

أسس الباجي حزب “نداء تونس” في 2012 ودخل به الانتخابات على قاعدة مناهضة للاسلاميين وتمكن من الفوز بغالبية مقاعد البرلمان آنذاك وبرئاسة الجمهورية، وأعلن في وقت لاحق دخوله في تحالف وتوافق سياسي مع النهضة على الحكم.

وضمّ هذا الحزب يساريين ونقابيين وأيضا منتمين سابقين لحزب “التجمع” الحاكم في عهد الرئيس المخلوع بن علي، والذي تم حله بقرار قضائي بعد الثورة.

وأصبح قائد السبسي أول رئيس لتونس بعد فوزه في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي أجريت في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، على منافسه الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي.

وقد حصل حينذاك على نسبة 55,68 بالمئة من الاصوات مقابل 44,32 بالمئة للمرزوقي.

منذ 2015 دخل حزب الباجي في صراعات داخلية على القيادة وبدأت مشاكل الحزب والاتهامات الموجهة لنجل الرئيس حافظ قائد السبسي في السيطرة على القيادة تؤثر على صورته واستقال من كتلته البرلمانية العديد من النواب ليصل عددهم حاليا الى 37 بعد ان كانت تضم 86 نائبا.

واصل الباجي العمل على قاعدة التوافق السياسي مع حزب النهضة الى حدود خريف 2018 ليعلن في موقف هزّ المشهد السياسي “نهاية التوافق” بعد أن رفض الحزب الاسلامي تغيير رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد وتشبث في المحافظة عليه على عكس رغبة الباجي.

الدفاع عن حقوق المرأة

ألغى الباجي الذي يرفع راية الدفاع عن حقوق المرأة ويتبنى أفكار الحبيب بورقيبة في ذلك، تعميماً وزاريا يمنع زواج التونسية المسلمة من غير المسلم.

كما أعلن في آب/أغسطس الفائت دعمه لمشروع قانون غير مسبوق في العالم العربي يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، الأمر الذي أثار جدلاً كبيراً في البلاد.

والقانون المطبّق حالياً المستمدّ من الشريعة الاسلامية، يقضي بأن يرث الرجل ضعف ميراث المرأة في حال كانا على المستوى نفسه من القرابة.

وقال الرئيس التونسي في خطاب متلفز ألقاه آنذاك بمناسبة يوم المرأة التونسية “أقترح أن تصبح المساواة في الإرث قانوناً” ولم يطرح مشروع القانون للمناقشة والمصادقة عليه منذ أن تم تقديمه للبرلمان في تشرين الأول/اكتوبر الفائت.

وعبّر قائد السبسي عن رغبته في تنقيح الدستور وخاصة في ما يتعلق بالنظام السياسي المتبع في بالبلاد وجعله نظاما رئاسيا يمنح للرئيس سلطات إضافية.

مع تأكيد التزامه بضمان حرية التعبير والصحافة في البلاد، عبر في بعض الأحيان عن عدم تفهمه انتقادات بعض وسائل الاعلام له.

الى ذلك، قدم السبسي مقترح مشروع قانون يعفي الأشخاص الضالعين في الفساد زمن حكم الديكتاتورية، وأثار جدلا وتم تعديله لاحقاً ليشمل الموظفين في الدولة المتورطين في قضايا فساد اداري.

وجهت للرجل في السنوات الأخيرة من عهدته الانتخابية انتقادات حول محاولته “توريث” السلطة لنجله حافظ قائد السبسي، ولكنه كثيرا ما كان ينفي ذلك. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق