شرق أوسط

البحرين تعمل على تحسين صورتها الخارجية

ـ نيقوسيا ـ تسعى البحرين إلى تحسين صورتها في الخارج، بعد سنوات من الانتقادات التي تعرضت لها من قبل منظمات حقوقية على خلفية تعاملها مع تظاهرات احتجاجية وسجلّها في مجال حقوق الانسان، حسبما يرى خبراء.

فبعدما استضافت ورشة عمل تناولت الشق الاقتصادي في خطة سلام أمريكية للشرق الأوسط، أعلنت المنامة الأسبوع الماضي أنّها ستستضيف مؤتمرا أمنيا دوليا على خلفية هجمات ضد ناقلات نفط وإسقاط طائرات مسيّرة في الخليج.

وبالتزامن مع هذا الإعلان، قال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس إنه التقى بشكل علني نظيره البحريني الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة بواشنطن، في خطوة هي الأولى من نوعها بين الدولتين.

ورأى اندرياس كريغ الباحث في “كينغز كولدج” في لندن أنّ “السعي لاستضافة مؤتمرات دولية، على غرار ورشة العمل الفلسطينية، في وقت يشهد تقاربا مع إسرائيل، هي محاولات لإظهار التسامح والانفتاح”.

وقال إنّ “صورة البحرين الليبرالية والمنفتحة تعرّضت لضربات قوية منذ 2011، وهي تحاول اليوم العودة إلى صورة التسامح”.

كما أنّ اللقاء بين وزيري خارجية البحرين وإسرائيل يلقى صدى إيجابيا في واشنطن، حليفة الدولتين، بحسب سيمون هندرسون، الباحث في “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”.

ومنذ 2011، شهدت البحرين الواقعة عند حدود السعودية وقبالة إيران، اضطرابات نتيجة تظاهرات قادتها الغالبية الشيعية للمطالبة باصلاحات سياسية في المملكة التي تحكمها سلالة سنية منذ عقود.

 مساحة للانتقاد

وتعاملت السلطات البحرينية بقوة مع الاحتجاجات، وتم منع الأحزاب السياسية المعارضة من العمل، بينما سجن مئات وصدرت أحكام بسحب جنسية مئات آخرين أدينوا بتنفيذ أعمال “إرهابية” والانتماء لتنظيمات تسعى لإحداث فوضى في هذا البلد، بحسب منظمات حقوقية.

وبحسب آية مجذوب الباحثة في قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش، فإنّ “البحرين تواصل اتباع سياسة تقوم على عدم التسامح مطلقا مع أي معارضة”.

وتابعت أنّ المملكة “صعّدت حملتها وبدأت تستهدف بشكل ممنهج الانتقادات على الانترنت أيضا”، معتبرة أنّه “إذا كانت هناك مساحة للمخاطبة أو العمل الناشط على الانترنت، مهما كانت صغيرة، فأن هذه المساحة تتقلص بسرعة”.

لكن البحرين نفت مرارا أن تكون اتّخذت أي اجراءات تمييزية بحق مواطنيها، متّهمة جارتها الشيعية إيران بتدريب ودعم عناصر بهدف إحداث اضطرابات أهلية وقلب نظام الحكم، وهو اتهام رفضته طهران.

ويرى هنردسون أنّ البحرين “تبقى قلقة من التهديد الإيراني وتأثير طهران على مواطنيها الشيعة”.

وذكر أنّ سحب الجنسية وسيلة لمنع التعاطف مع إيران، معتبرا أنّ هذه السياسة أصبحت “قيد المراجعة” بعد الانتقادات الكثيرة التي وجّهت للسلطة بسببها.

ففي نيسان/أبريل الماضي، أمر العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة بإعادة الجنسية لأكثر من 550 شخصا. وبعد شهرين من ذلك، قرّرت محكمة استئناف نقض حكم بسحب جنسية 92 شيعيا أدينوا بتشكيل جماعة موالية لإيران.

ورغم نقض حكم سحب الجنسية، ثُبّتت أحكام بالسجن بحق هؤلاء، كما هو الحال بالنسبة لعشرات آخرين تصدر بحقهم أحكام قاسية بعضها يصل للسجن مدى الحياة.

وقال كريغ إنّ صورة “الانفتاح” التي تسعى المنامة لإظهارها “يقوّضها تعامل ظالم مع المجتمع المدني”.

 ضد إيران 

وسُلّطت الأضواء على البحرين في حزيران/يونيو الماضي عندما استضافت الورشة الأمريكية التي كشف خلالها جاريد كوشنير، صهر الرئيس دونالد ترامب ومستشاره، عن خطة لضخ مليارات الدولارات في الإقتصاد الفلسطيني كجزء من حل للنزاع مع إسرائيل.

وكانت هذه المناسبة العلنية الأولى التي يكشف فيها عن خطة السلام الأمريكية.

وانعقد الاجتماع في وقت تشهد منطقة الخليج توترات متصاعدة بين إيران والولايات المتحدة التي اتّهمت طهران بالوقوف خلف هجمات ضد ناقلات نفط وإسقاط طائرة دون طيار أمريكية قرب مضيق هرمز الاستراتيجي في الأسابيع الماضية، وهو ما نفته الجمهورية الاسلامية.

وقالت المنامة قبل نحو أسبوع إنها ستستضيف بمشاركة الولايات المتحدة مؤتمرا يعنى بأمن الملاحة البحرية والجوية “خلال الفترة المقبلة”.

ويعتبر نيل بارتريك الخبير في شؤون الشرق الاوسط والمقيم في لندن أن البحرين تسعى “لتعزيز أمنها عبر محاولة إظهار أنّها أصبحت ضرورة”.

وسيكون هذا أول مؤتمر دولي لمناقشة المخاطر في الخليج.

ورأى بارتريك أنّ البحرين “تريد من الحلفاء الدوليين والإقليميين أن يساندوها ضد إيران، في استراتيجية قد تحمل مخاطرة لكنّها تبدو في الوقت ذاته سهلة لدولة تستضيف الأسطول الأمريكي الخامس وقاعدة بحرية بريطانية”. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق