أقلام يورابيا
الحج رکن من أرکان الإسلام ومبانيه العظيمة وفريضة الله المقدسة ومهوى أفئدة المؤمنين
*د.السيد محمد علي الحسيني
*د.السيد محمد علي الحسيني
يتشوق عباد الله الصالحون في هذا الوقت من کل عام إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، وتتقطع قلوبهم ألما وحسرة على فواته، وکيف لا وقد أمرنا سبحانه وتعالى بذلك فقد جاء في القرآن الکريم: “ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا”، ثم هدد الله سبحانه وتعالى تارکه القادر بغير عذر، فقال: “ومن کفر فإن الله غني عن العالمين”، وهذه آية عظيمة تبين خطر ترکه مع القدرة عليه إن لم يحج فرضه.
ومن فضائل الحج أنه أفضل الجهاد، عن عائشة قالت: قلت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل الأعمال، أفلا نجاهد؟ قال: “لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور”.
“والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة”.
وقد ذكر أهل العلم أن الحج يجب فورا على كل مسلم عاقل، بالغ حر مستطيع للحج، يملك الزاد والراحلة.
بالحج يتربى المسلم على التسليم والانقياد لله، فإذا تنقل بين المشاعر، وطاف بالبيت العتيق، وقبل الحجر الأسود، ورمى الجمرات؛ فقد انقاد لله، وأطاعه؛ لأن الله عز وجل أمر عباده بالحج، ويدخل في ذلك كل واجب، وكل ركن، وكل ما لا يتم الحج إلا بالإتيان به.
عباد الله ومع هذه الفضائل و هذه الأهمية، إلا أننا نجد من أمة الإسلام من يمر عليه السنون و تتوالى عليه الأعوام ولم يحج مع قدرته، وکأن الحج قد فرض على غيره، وقد صار معلوما أيها المؤمنون من الدين بالضرورة أن الحج رکن من أرکان الإسلام و مبانيه العظيمة، فيا من أنعم الله عليه بالصحة و العافية و رغد العيش وأمن الطريق و توفر وسائل السفر المريحة الآمنة، بادر إلى حج بيت الله الحرام، وأد فرضك قبل أن يحج عنك أقاربك، وتأخذك المنون قبل الحج الواجب، وأن تحج بنفسك خير لك من أن يصدق عليك أحد أقاربك بالحج نيابة عنك، فکم من مسلم حبسه جسده المريض عن الحج، واضطر الى استنابة غيره في حج الفريضة.
أيّها المؤمنون: واجب علينا أن نذكركم أنه لا يحل لزوج أن يمنع زوجته من أداء فرضها، ولا لوالد أن يمنع ولده من أداء فرضه بُخلا أو خوفا عليه، فإن الشفقة الحقيقية هي في الخوف على الأولاد من عقوبة الله تعالى بتركهم فرائض دينهم، بل إن الواجب على الزوج أن يأمر زوجته بالحج ويحثها عليه، لأنّه أمرها بالطاعة، وإن رافقها إلى الحج أو دفع نفقة حجها وحج محرمها معها کان ذلك إحسانا لعشرتها، وعونا على أداء فرضها.
وكذلك ينبغي لمن تحت يده العمالة السماح لهم بأداء فريضة الحج ولا يتعذر بحجة أن العمل يتعطل أو أن المكفول جديد ولا بد أن يمضي عددا من السنوات حتى يأذن له بالحج، فلربما سافر العامل وضاعت عليه فرصة الحج.
أيّها المؤمنون: على كل من نوى الحج أن يستعد له مبکراً باختيار حملته، واستخراج التصريح الخاص به، وتعلم أحكامه، فإن كثيراً من الناس يفوتهم قضاء فرضهم في کل عام بسبب تأخرهم في الاستعداد للحج، فإذا أغلقت الحملات تسجيلها.
يا عباد الله من كانت نفسه تتوق إلى الحج وتتلهف إلى بيته العتيق وأداء هذا الركن العظيم فحال دون ذلك عجز مالي أو ضعف صحي أو مانع أمني فأبشر بالخير لأن نيتك قد بلغت مبلغها.
*الأمين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان