شرق أوسط
سيطرة الإنفصاليين على عدن ضربة قوية للحكومة اليمنية
ـ دبي ـ تبدو حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي المعترف بها دوليا في موقف ضعيف بعد سيطرة الإنفصاليين الجنوبيين على عدن، بينما يستبعد محللون إعلانهم الاستقلال في الجنوب في الوقت الراهن مرجحين أن يختاروا المفاوضات على المدى القصير.
وأدت سيطرة الانفصاليين السبت على القصر الرئاسي في عدن، إلى تقويض حكومة هادي التي بدورها حملت المجلس الانتقالي الجنوبي ودولة الإمارات “تبعات الانقلاب” في عدن، مطالبة أبو ظبي بوقف دعمها المادي والعسكري فورا للانفصاليين.
وتقول اليزابيث كيندال الباحثة في شؤون اليمن في كلية بيمبروك بجامعة أوكسفورد إن “الأحداث في عدن أضعفت بشدّة حكومة هادي التي فقدت الآن كلا عاصمتيها”.
وعدن هي العاصمة الموقتة للحكومة المعترف بها منذ سيطرة المتمردين الحوثيين على العاصمة صنعاء في ايلول/سبتمبر 2014.
يؤكد بيتر سالزبري الخبير في الشؤون اليمنية في مجموعة الأزمات الدولية أنّ ما حدث (في) عدن شكل “ضربة حقيقية لمصداقية حكومة هادي. لكنه ما يزال الرئيس المعترف به دوليا وهذا أمر يعترف به حتى المجلس الانتقالي الجنوبي”.
ولكنه أشار إلى أن “التطور الأخير (في عدن) يظهر بوضوح أن رئاسة (هادي) رمزية أكثر من أي شيء، وهي مجرد وسيلة للتمسك بشرعية الدولة أكثر من الجوانب العملية للحكم”.
وتدخلت السعودية في آذار/مارس 2015 على رأس تحالف دعما للقوات الحكومية المعترف بها دوليا.
ويشير سالزبري إلى أن بقاء هادي “يعطي غطاء قانونيا لتدخل التحالف” في اليمن.
ويرى الباحث الزائر في معهد “تشاتام هاوس” فارع المسلمي أن هادي الذي فر من عدن ويقيم حاليا في السعودية هو رئيس “غائب عن الواقع وغائب عن الأرض”.
وأشار المسلمي الى أن الحكومة اليمنية تمر حاليا “بتفتت غير مسبوق”.
وبحسب المسلمي ، فإن الإنفصاليين يرغبون الآن بتحويل سيطرتهم العسكرية في عدن إلى “واقع سياسي، لكن قدرتهم على الحصول على شرعية سياسية مرتبطة بسلطة هادي التي قاموا بتقويضها”.
إنفصال أم حوار
يسعى عناصر الحراك الجنوبي الى انفصال جديد لليمن الجنوبي الذي كان مستقلا قبل 1990.
وينضوي الإنفصاليون في إطار المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع أبو ظبي.
وكان الزبيدي يشغل منصب محافظ عدن حتى قام هادي بإقالته في عام 2017.
ودعت الخارجية السعودية الأطراف المتنازعة في عدن إلى حوار طارىء في المملكة.
وأكد الانفصاليون استعدادهم للحوار والمشاركة في الاجتماع، بينما أكد نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي هاني بريك أن الانفصاليين لن يتفاوضوا “تحت وطأة التهديد”.
ويرجح المحللون أن يختار الإنفصاليون الحوار حاليا بفعل ضغوطات السعودية بدلا من إعلان الاستقلال، لكنهم استبعدوا أي انسحاب من عدن.
وتؤكد إليزابيث كيندال أن “ضغوط التحالف ستؤدي في الغالب إلى تجنب دعوة مباشرة للانفصال في الوقت الحالي” مشيرة إلى أن المجلس الانتقالي الجنوبي حاليا يرغب “في تمثيله في محادثات السلام”.
وأضافت كيندال أن المجلس حاليا “في موضع قوة ولديه تمويل جيد ويحظى بولاء مجموعات مسلحة في الجنوب. إنه بلا شك يملك كافة الأوراق في عدن”.
ولكنها أوضحت أن هناك “عدة مجموعات إنفصالية في الجنوب لا تدعم هذا المجلس وهناك جيوب في الجنوب لا ترغب بالانفصال أبدا. وإذا حاول المجلس الانتقالي الجنوبي بسط سيطرته خارج عدن، قد نرى نزاعا يتفجر في الجنوب”.
ويتفق المسلمي مع ذلك، مستبعدا إعلان دولة مستقلة في جنوب اليمن في الوقت الحالي.
وأكد “إذا حصل انقسام الآن، ستتهم السعودية بتقسيم وتمزيق اليمن وهذا ثمنه خطر على السعودية”.
وأشار إلى صعوبة إعلان دولة مستقلة في جنوب اليمن حاليا مؤكدا أن “المجلس الانتقالي سيواجه تحديات” في إعلان دولة مستقلة منها” المخاوف الأمنية ومكافحة الارهاب” في إشارة إلى القتال الدائر ضد تنظيم القاعدة وتنظيم داعش في جنوب اليمن.
وهي ليست المرة الأولى التي يشتبك فيها الإنفصاليون التابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي مع الوحدات الموالية للرئيس هادي متّهمين حكومته ب “الفساد” وبالسماح بتنامي نفوذ الاسلاميين داخل سلطته والتأثير على قراراتها السياسية والعسكرية، وخصوصا أعضاء في حزب “التجمع اليمني للاصلاح” المحسوب على جماعة الاخوان المسلمين.
وتوقع سالزبري أن يؤدي الحوار إلى نوع “من الاتفاق لتشارك السلطة، مع تمثيل للمجلس الانتقالي الجنوبي مقابل عودة الحكومة إلى عدن”.
وبحسب سالزبري فإن المجلس الانتقالي الجنوبي “يخطط بشكل واضح للسيطرة على جنوب اليمن بأكمله وإعلان الاستقلال. ولكن على المدى القصير، سينخرطون على الأغلب في محادثات مع الحكومة” اليمنية. (أ ف ب)