تحقيقات
ألمانيا لم تتّهم فرنسا بعرقلة مشروع ضخم لإنتاج الطاقة في الجزائر
ـ بيروت ـ تداول عشرات الآلاف من مستخدمي مواقع التواصل باللغة العربية مقطعاً مصوّراً يدّعي معدّوه أن وزير الطاقة الألماني اتّهم فرنسا بعرقلة مشروع كبير لإنتاج الطاقة في الجزائر لحرمان هذا البلد من منافعه الاقتصاديّة، لكن هذا الخبر لا أساس له من الصحّة.
بماذا نحقّق؟
يتضمن المقطع تقريرا بعنوان “ZDF الألمانية تكشف إجهاض فرنسا لأكبر مشروع للألواح الشمسية”، يعلن عن “معلومات وحقائق خطرة حول تآمر فرنسا على إفشال وإجهاض أكبر مشروع لإنتاج الطاقة في العالم كان مقرراً إقامته في الصحراء الجزائرية”، وهومشروع “ديزيرتيك”.
وينقل عن وزير الطاقة الألماني قوله للقناة الألمانية “كنا نريد الاستثمار مع الجزائر في أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم في الصحراء الجزائريّة، كان بإمكان الجزائر أن تزوّد أوروبا بالطاقة الكهربائية وتجني الملايين من الدولارات… لكن الحكومات السابقة رفضت لأن فرنسا عارضت الفكرة بشدّة لكي لا تستطيع الجزائر النموّ وتنويع الاقتصاد والخروج من التبعية”.
ونال المقطع من هذه وحدها أكثر من 47 ألف مشاركة وقرابة 800 ألف مشاهدة، كما حصد آلاف المشاركات والمشاهدات من أخرى. ونشر أيضاً على موقع .
ما نعرفه
لا يذكر التقرير اسم وزير الطاقة الألماني، لكن الصورة الواردة فيه هي للوزير بيتر ألتايمر، وهنا على موقع توتير.
بحسب ما وقع عليه فريق تقصّي صحّة الأخبار باللغة العربية في وكالة فرانس برس، نشرت قناة “” الجزائريّة التي يظهر شعارها في أعلى المقطع، التقرير في 18 نيسان/أبريل. وهي قناة رقميّة ظهرت بعد أيام على استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الثالث من الشهر ذاته تحت ضغط الشارع وبعد تخلّي الجيش عنه.
وأرشد البحث عن مضامين مشابهة إلى بُثّ على يوتيوب في اليوم نفسه إنّما قبل ساعات، بعنوان “شاهد ماذا قال الوزير الألماني عن المشروع الجزائري الأضخم في العالم”، ناقلا تصريحات وزير الطاقة ذاتها منسوبة أيضاً إلى قناة ZDF.
وأمكن أيضاً العثور على نشر في صباح اليوم نفسه بعنوان “فرنسا تآمرت على الجزائر وأجهضت أكبر مشروع للطاقة الشمسية في العالم”.
“ديزيرتيك” مشروق ضخم لا يقتصر على بناء محطات لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في صحراء الجزائر، بل يطمح للاستفادة من صحاري شمال إفريقيا والشرق الأوسط كمقدمة لتعميم الفكرة على كلّ صحاري العالم بهدف توليد الطاقة النظيفة، على ما يوضح العضو في هيئة الإشراف على المشروع .
أطلقت فكرة المشروع في العام 2009، لكنه حتى الآن لم يتحقّق.
ويقول عليه إن ما يعيق تنفيذه هو نقص التمويل من قبل المصارف بسبب ضعف جدواه الاقتصادية برأيها. وهذا ما حمل المسؤولين عن المشروع إلى تعديل خطّتهم، ولا سيما البدء بنموذج صغير يُدرّ عائدات مالية سريعة.
من جانب آخر، علّق الصحافي ديفيد كوربيه من مكتب وكالة فرانس برس على ما نُسب إلى الوزير بالقول إن “تصريحات كهذه، لو كانت صحيحة، لكانت أثارت اهتماماً كبيراًَ نظراً لخطورة الانتقادات الموجّهة لفرنسا مباشرة فيها” مضيفا “لكانت انتقادات كهذه بمثابة قنبلة”.
ولم يعثر صحافيو فرانس برس في برلين في الصحافة الألمانية على “أي اثر” للتصريحات المنسوبة إلى ألتماير.
وأصدرت السفارة الألمانية في الجزائر نشرته على صفحتها الرسمية على فيسبوك مساء 18 نيسان/أبريل، بعد ساعات على بدء انتشار الخبر المضلّل، نفت فيه ما نُسب للوزير.
وجاء في البيان “التصريحات المنسوبة لوزير الاقتصاد والطاقة الألماني، السيد بيتر ألتماير، حول مشروع “ديزرتيك” و التي نشرتها بعض صفحات الفيسبوك و الصحافة الإلكترونية، هي غير صحيحة”.
ووصف البيان هذه الأخبار بأنها “فايك نيوز، أي أخبار كاذبة”.
رغم هذا النفي، ورغم عدم وجود أثر للتصريحات المزعومة، ما زال تداول المقطع مستمرّاً حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.
الخلاصة
في 18 نيسان/أبريل 2019، انتشر تقرير على فيسبوك يدّعي أن وزير الطاقة الألماني اتهم فرنسا في تصريحات لقناة ZDF التلفزيونية بالضغط على ألمانيا لردعها عن الاستثمار في مشروع ضخم للطاقة في الجزائر.
وفي مساء اليوم نفسه، نفت السفارة الألمانية في الجزائر في بيان ما نُسب إلى الوزير، مؤكدة أنها “أخبار كاذبة”. كما لم يتم العثور على أي من التصريحات في الصحافة الألمانية.
ورغم ذلك، يستمر المقطع في الانتشار. (أ ف ب)