تحقيقات
نحو أربعة أشهر من التصعيد العسكري في محافظة إدلب ومحيطها
ـ بيروت ـ بعد نحو أربعة أشهر من التصعيد العسكري في شمال غرب سوريا، دخلت قوات النظام الأحد الى الأطراف الشمالية الغربية من مدينة خان شيخون الاستراتيجية، في وقت أرسلت تركيا الإثنين تعزيزات عسكرية إلى المنطقة.
وتتعرض مناطق في إدلب ومحيطها واقعة تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وتوجد فيها فصائل أخرى معارضة للنظام وأقل نفوذاً، لتصعيد منذ نهاية نيسان/أبريل، تسبب بمقتل أكثر من 860 مدنياً، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان وبفرار أكثر من 400 ألف شخص.
التصعيد
منطقة إدلب مشمولة مع محيطها باتفاق روسي تركي منذ أيلول/سبتمبر 2018، نصّ على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل. لكن لم يستكمل تنفيذه رغم أنه أرسى نوعاً من الهدوء لأشهر.
في شباط/فبراير، بدأت قوات النظام تصعّد وتيرة قصفها للمنطقة خصوصاً ريف إدلب الجنوبي والمناطق المحاذية قبل أن تنضم الطائرات الروسية لها لاحقاً.
وبلغ التصعيد العسكري أوجه في نهاية نيسان/أبريل، ليسفر منذ ذلك الحين عن مقتل أكثر من 860 مدنياً، وفق حصيلة للمرصد السوري لحقوق الإنسان. كما دفع بأكثر من 400 ألف شخص إلى النزوح نحو مناطق أكثر أماناً، خصوصاً قرب الحدود التركية شمالاً، بحسب الأمم المتحدة.
ودعت الولايات المتحدة روسيا إلى وضع حد لـ”التصعيد”، فيما دعت الأمم المتحدة الى “تجنب هجمات عسكرية أكبر”.
في السادس من أيار/مايو، تعرضت قاعدة حميميم الجوية السورية لهجوم بالصواريخ أطلقت من منطقة تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، وفق موسكو.
بعد ثلاثة أيام، سيطرت قوات النظام على قلعة المضيق في محافظة حماة التي غالباً ما كانت الفصائل تستخدمها لإطلاق الصواريخ على قاعدة حميميم، وفق المرصد.
“كارثة انسانية”
في 17 أيار/مايو، اتهمت منظمة العفو الدولية النظام السوري بشن “هجوم متعمد ومنهجي” على المستشفيات والمنشآت الطبية.
وحذرت الأمم المتحدة من خطر “كارثة إنسانية”، في حين نفت روسيا استهداف مدنيين.
في 22 أيار/مايو، تحدثت الولايات المتحدة عن “مؤشرات” إلى احتمال شن قوات النظام هجوماً بالكلور. وأكدت باريس في الـ28 من الشهر ذاته أنها تملك “مؤشراً إلى استخدام سلاح كيميائي في منطقة إدلب”، ولكن من دون إمكانية “التحقق” من ذلك.
في الثالث من حزيران/يونيو، اتهمت منظمة “هيومن رايتس ووتش” دمشق وموسكو باستخدام “أسلحة محظورة دولياً”، مشيرة إلى “قنابل عنقودية وأسلحة حارقة وبراميل متفجرة” أُلقيت على “مناطق يسكنها مدنيون”.
غارات مستمرة
تصاعدت وتيرة الغارات الدامية تدريجياً، مستهدفة بشكل أساسي ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي، فيما تركزت المعارك الميدانية في ريف حماة الشمالي.
بين 28 و29 أيار/مايو، قتل أكثر من أربعين مدنياً في محافظتي إدلب وحلب. في 15 حزيران/يونيو، قضى 45 شخصاً على الأقل بينهم عشرة مدنيين في غارات ومعارك. وفي العشرين منه، استهدف القصف سيارة إسعاف وأسفر عن عشرين قتيلاً.
في 12 تموز/يوليو، ندّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “بشدة” بعمليات القصف التي تستهدف “منشآت طبية وطواقم طبية”.
في 19 تموز/يوليو، تعرضت روسيا لانتقادات في مجلس الأمن. وشدد مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الانسانية مارك لوكوك على ضرورة “وقف المجزرة”.
بعد يومين، تسببت غارات سورية وروسية، وفق المرصد، بمقتل 18 مدنياً بينهم أنس الدياب، وهو متطوع في منظمة الخوذ البيضاء ومصور فوتوغرافي وفيديو تعاون مع وكالة فرانس برس.
واستمرت الوتيرة نفسها ليسفر القصف عن سقوط قتلى في صفوف المدنيين والمقاتلين بشكل شبه يومي، فيما كانت الفصائل تردّ باستهداف مناطق سيطرة قوات النظام القريبة، موقعة عشرات القتلى أيضاً.
في 26 تموز/يوليو، نددّت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليه بـ”لامبالاة” المجتمع الدولي حيال ضرب أهداف مدنية بينها مستشفيات ومدارس وأسواق.
التقدم أكثر
بعد أقل من أربعة أيام من اتفاق جديد على وقف لإطلاق النار، استأنفت قوات النظام في الخامس من آب/أغسطس عملياتها العسكرية، متهمة الفصائل بخرق الهدنة واستهداف قاعدة حميميم الجوية التي تتخذها روسيا مقراً لقواتها في محافظة اللاذقية الساحلية.
في 11 آب/أغسطس، سيطرت قوات النظام على بلدة الهبيط في ريف إدلب الجنوبي، بعد معركة دامية خلّفت أكثر من 130 قتيلاً، وتقدمت منها لتسيطر على عدد من القرى والبلدات في محيطها.
واقتربت قوات النظام في 14 آب/أغسطس من مدينة خان شيخون الاستراتيجية التي تقع على طريق دولي سريع يربط مدينة حلب (شمال) بدمشق.
في اليوم نفسه، أسقطت هيئة تحرير الشام طائرة حربية لقوات النظام وأسرت طيارها في أول حادث من نوعه منذ التصعيد الأخير في أواخر نيسان/أبريل، بحسب المرصد.
في 17 آب/أغسطس، قتلت امرأة مع أطفالها الستة جراء قصف سوري طال منزلهم في قرية دير شرقي القريبة من مدينة معرة النعمان.
في اليوم اللاحق، دخلت قوات النظام إلى مدينة خان شيخون وسيطرت على أطرافها الشمالية الغربية. وتحاول الإثنين مواصلة التقدّم للسيطرة على الطريق السريع، وتخوض معارك عنيفة ضد هيئة تحرير الشام والفصائل. (أ ف ب)