*منى شلبي
الانطلاقة من هنا، من هذه المدينة العريقة في أوكرانيا، أوديسا التي تحتضن قمة يحضرها ممثلون عن الدول العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الأمن والتعاون في مدينة أوديسا،
وبمشاركة شخصيات دينية وسياسية، إضافة إلى حضور إعلامي واسع.
القمة المرتقبة في الخامس من شهر أيلول/سبتمبر تأتي في مرحلة دقيقة جدا، خاصة في ظل تفاقم الأزمات في الدول العربية التي تشهد توترا سياسيا وأمنيا سبب هجرة الكثير من مواطنيها، الأمر الذي رفع ناقوس الخطر في دول الهجرة أو التي تحتضن اللاجئين العرب في مختلف دول العالم التي باتت تعلن صراحة ضرورة الإسراع لوضع حل لأزمة اللاجئين.
“الربيع العربي” يفجر أزمة اللاجئين
كثيرة تلك الأزمات التي عصفت بالمنطقة العربية والشرق الأوسط، خاصة مع ثورات الربيع العربي التي تسببت في تلاشي الأمن والاستقرار في بلدان هذه المنطقة، الأمر الذي دفع بمواطنيها إلى الهجرة واللجوء إلى دول مجاورة أو خوض غمار البحر إلى أوروبا وغيرها من دول العالم وتعريض حياتهم للخطر هربا من الموت المحدق بهم في كل وقت بسبب وضع بلدانهم المزري، فكان عدد اللاجئين يثير الجدل في الأروقة الخلفية، نظرا للتحديات الكثيرة التي تواجهها دول اللجوء من أجل تأمين حياة اللاجئين وترتيب وضعهم الإنساني، في ظل تراجع الوضع الاقتصادي لهذه الدول التي لا يمكنها تحمل هذا العبء لسنوات طويلة.
مخاوف أوروبية متزايدة نتيجة أزمة اللاجئين العرب
لقد سببت هجرة الملايين من السوريين نتيجة الحرب الأهلية التي تعصف بهذا البلد منذ ثماني سنوات أزمة حقيقية لدى الكثير من الدول التي استقبلت أعدادا كبيرة منهم كلاجئين، خاصة مع تعاقب الأزمات التي دفعت بالكثيرين إلى الهجرة في ظل وجود عدد كبير من اللاجئين العراقيين الذين فروا من العراق الذي شهد واقعا حرجا نتيجة الحروب التي عاشها في ثلاثة عقود ماضية، وهنا تشير التقارير الدولية أن عدد اللاجئين السوريين يفوق القدرة الاستيعابية لدول الاتحاد الأوروبي، فعدد اللاجئين السوريين في ألمانيا فقط 532,000 نهاية عام 2018 من أصل 7 ملايين لاجئ سوري ، ناهيك عن اللاجئين العراقيين والفلسطينيين والأحوازيين وغيرهم ما أدى إلى مهاجمة السياسة الألمانية واعتبارها المسؤول عن أزمة كبيرة تسبب فيها هذا العدد الكبير من اللاجئين.
ظروف قاسية وتحديات يواجهها اللاجئون العرب والبدون وعديمو الجنسية
لا أحد يجرؤ على الهمس ببنت شفة على الحالة المحزنة التي وصلت إليها سوريا، فأزمة السنوات التي لم تنته بعد، شردت الملايين داخل سوريا وخارجها، ما أدى إلى الحديث عن أزمة فعلية تواجهها الدول المستضيفة للاجئين حيث أبدت في البداية تفهمها للحالة الإنسانية التي يواجهها السوريون وغيرهم ، لكن بعد ثماني سنوات تغيرت المعادلات والحسابات والظروف، حتى بدأت تصريحات رسمية من بعض الدول تدعو إلى طرد اللاجئين نتيجة عدم القدرة على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة ، وهذا ما حدث في دول الجوار التي كان لها النصيب الأكبر في احتضان أعدد كبيرة من اللاجئين وتعمل حاليا على اتخاذ اجراءات صارمة قد تؤدي إلى طرد عدد كبير منهم وهذا يهدد وجودهم ويطرح تساؤلات حول المستقبل المجهول لهم، ناهيك عن أزمة البدون؛ وهي الفئة التي تعيش في الكويت ولا جنسية لها، كما أن معظم “البدون” يخدمون في سلكي الجيش والشرطة في الكويت قبل اقدام العراق على غزو الكويت سنة 1990، فهم يواجهون مصيرا معلقا بسبب عدم تسوية وضعيتهم القانونية التي تسمح لهم بالعيش والتنقل بطريقة شرعية.
مؤتمر اوديسا.. مناقشة لأزمة اللاجئين وعديمي الجنسية
مؤتمر أوديسا المرتقبة ستميط الستار عن مشروع إنساني محض، قد يضع حدا لأزمة الملايين من اللاجئين العرب الذين ضاقت بهم الأرض وعانوا الأمرين؛ أحدهما الهروب وترك الوطن والثاني اللجوء ومشاكله، مشروع بحسب رعاته بعيد كل البعد عن الحسابات السياسية، بل يؤكدون على أنه مشروع إنساني بامتياز ، سيتم خلاله وضع حجر الأساس لدولة إنسانية تجمع شتات الكثير من اللاجئين المضطهدين الذين يفرون من عذاباتهم أملا في جمع أحلامهم المبعثرة في طريق البحث عن وطن بديل لهم يؤمن لهم الأمن والاستقرار والحياة التي تليق بالإنسان، بعيدا عن الخوف والإرهاب والتطرف والحروب والقتل والاستعباد.
تؤكد إحدى الشخصيات النافذة والمشاركة في المؤتمر على أن القمة لا علاقة لها بصفقة القرن وإنما هي خطوة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من العرب الذين يواجهون مأساة اللجوء وتحدياته، حيث سيتم إطلاق تأسيس مملكة الجبل الأصفر دولة ووطنا للاجئين وعديمي الجنسية والبدون وسيتم بحث كل ما يتعلق بهذه الدولة وسبل دعمها وتهيئة الظروف الملائمة وفقا للمعايير الدولية لحماية اللاجئين.
*إعلامية جزائرية