العالم
تململ واستياء تجاه لاجئي الروهينغا في بنغلادش بعد عامين على تدفقهم
ـ كوكس بازار ـ حين بدأ مئات الآلاف من مسلمي الروهينغا يفرّون في صيف 2017 من فظائع بورما لاجئين إلى بنغدلادش، كانوا محل ترحاب بين السكان المحليين. لكن بعد عامين من ذلك، تبدو مشاعر الاستياء آخذة بالارتفاع تجاههم.
يروي رسول حقي: “بصفتهم مسلمين، ساعدناهم في البداية”. وسمح هذا العامل الذي يسكن قرب مدينة اوخيا الحدودية في منطقة كوكس بازار (جنوب-شرق بنغلادش)، لنحو ستين عائلة لاجئة في الاستقرار ضمن قطعة أرض يمتلكها، وكان يعتقد أنّ مدة بقائهم لن تزيد عن شهرين أو ثلاثة على أقصى تقدير.
لكن يظهر القلق في حديثه حالياً إذ “لدينا شعور أنّ الروهينغا الذين ما زالوا في بورما، سيأتون إلى بنغلادش قريباً”.
وكانت اوخيا تضم 300 ألف نسمة، غير أنّ العدد تضاعف بأكثر من ثلاث مرات بفعل تدفق اللاجئين.
ويقطن معظمهم في مخيّم كوتوبالونغ المزدحم، فيما سعى آخرون ممن توفرت لديهم بعض الموارد إلى إيجاد مكان لهم في المجتمع البنغلادشي.
غير أن بعض السكان المحليين باتوا يتهمونهم بأنهم السبب وراء كل المشكلات: التلوّث وارتفاع الجريمة وخسارة الوظائف.
ويقول محمد سوجول “يسرقون الأعمال الصغيرة منّا برشوة عناصر حفظ النظام”. وخسر محمد وظيفته (سائق عربة) لأنّ مالكي العربات باتوا، وفقاً له، يفضّلون تشغيل لاجئين بمقابل مادي ضئيل ولو أنّهم يفتقدون إلى تراخيص العمل.
وبعد سلسلة من التظاهرات، اضطر بعض لاجئي الروهينغا الذين كانوا يقطنون خارج المخيّمات للعودة إليها وجرى طرد أولادهم من المدارس المحلية.
عصابات المخدرات
وصف محققو الأمم المتحدة ما تعرّض له الروهينغا، وهم أقلية مسلمة فرّوا من الفظائع التي ارتكبها الجيش البورمي والعصابات البوذية، بالـ”إبادة”.
مجموعة قليلة فقط من بينهم عادت من حيث أتت، أما الباقون فيخشون على سلامتهم في بلد يحرمهم حق المواطنة وحبق يعاملون كمهجرين غير قانونيين.
ويقول مدير الشرطة بالنيابة في منطقة كوكس بازار إقبال حسين، واقع أنّهم “لا يعملون في المخيمات (يجعلهم) غير مستقرين”.
ويشير إلى أنّهم “يحصلون على كل أنواع المساعدات، ولكن لديهم الكثير من أوقات الفراغ”، مضيفاً أنّ كثراً من بينهم وقعوا بين أيادي تجّار المخدرات.
وتدخل إلى بنغلادش عشرات الملايين من حبوب مخدّر الميثامفيتامين (يابا) عبر المخيّمات، ومصدرها بورما التي تعدّ واحدة من أكثر دول العالم انتاجاً لهذا المخدّر. ويستخدم التجّار الروهينغا لنقل المخدرات إلى المدن المجاورة.
وقتل ما لا يقل عن 13 من الروهينغا المتهمين بترويج الـ”يابا”، خلال اشتباكات مع الشرطة.
وعزز وجود عصابات المخدّرات في المخيمات انعدام الأمن وأعمال العنف، ما شجّع بنغلادش على زيادة الحضور الأمني.
وتقول الشرطة إنّ معدلات الجريمة هنا أعلى من المعدّل الوطني حيث تسجّل نحو 3 آلاف عملية قتل سنوياً في بلد يعدّ 168 مليون مواطن.
ومنذ شهر آب/اغسطس 2017، سجّلت 318 شكوى جنائية ضدّ أفراد من الروهينغا، بينها 31 شكوى تخص عمليات قتل، بحسب إقبال حسين. ويبدي خبراء اعتقادهم بأنّ معدّلات الجريمة في المخيمات أعلى من الرقم الذي تشير إليه الشرطة.
تقول ربّة المنزل رابية بغوم التي تسكن في قرية مدورتشارا قرب كوتوبالونغ، “لا نشعر بالأمان ليلاً، ولكنني لا أستطيع ترك منزلي، وما عدا ذلك فإنّ بقية الأرض التي أمتلكها سيحتلها لاجئون”.
من جانبه، ينفي مهيب علا، أحد النافذين ضمن مجتمع الروهينغا، وجود علاقات سيئة مع السكان المحليين. ويقول “نحن نتساعد لأننا جيران سنفعل الأمر نفسه معهم”.
وسمح لنحو 3,500 من الروهينا بالعودة من بنغلادش إلى بورما بدءاً من الخميس، لو رغبوا.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أخفقت محاولة مماثلة لإعادة نحو 2,200 لاجئ، إذ رفض هؤلاء ترك المخيّمات والعودة في ظل افتقادهم لضمانات الأمن في بورما. (أ ف ب)