أوروبا
اليوم الثاني من محادثات الأزمة في ايطاليا بعد استقالة رئيس الوزراء
ـ روما ـ يجري الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا الخميس لليوم الثاني على التوالي مشاروات تهدف إلى حل الأزمة السياسية التي تهز البلاد بعد تفكك الحكومة الشعبوية.
وسيلتقي رئيس البلاد بالأحزاب الرئيسية ومن بينها حركة خمس نجوم وحزب الرابطة اليميني المتطرف، بعد انهيار ائتلافها المتعثر.
وكان رئيس الوزراء ماتيو سالفيني استقال الثلاثاء بعد أشهر من انهيار التحالف ومحاولة زعيم حزب الرابطة وزير الداخلية ماتيو سالفيني اجبار البلاد على اجراء انتخابات مبكرة بعد 14 شهرا فقط من توليه السلطة.
وأثارت الحكومة الايطالية غضب العديد من القادة الأوروبيين بسبب تبنيها خطا قوميا شعبوياً وموقفا متشددا من المهاجرين خاصة من قبل سالفيني، ومحاولة انتهاك قوانين الاتحاد الأوروبي بشأن الميزانية.
والتقى ماتاريلا برئيسي مجلسي البرلمان الأربعاء ويحاول ايجاد حل.
ومن بين الخيارات الرئيسية تشكيل ائتلاف جديد وحكومة تكنوقراطية لفترة قصيرة، أو إجراء انتخابات قبل موعدها المقرر بأكثر من ثلاث سنوات.
دعم مشروط
حتى قبل أن يبدأ رئيس البلاد سيرجيو ماتاريلا مشاوراته مع القوى السياسية للبحث في إمكانية تشكيل ائتلاف حكومي جديد، صوت الحزب الديموقراطي، الذي يعتبر أول قوة يسارية في البلاد، بالإجماع على اقتراح سيقدمه الى رئيس الدولة “لتشكيل حكومة تغيير” مع حركة خمس نجوم، المعروفة بمناهضتها للمؤسسات.
وقال زعيم الحزب الديموقراطي نيكولا زينغاريتي في مؤتمر صحافي عقده في ختام اجتماع لقيادة حزبه الأربعاء، إن الحزب يريد التفاهم مع حركة خمس نجوم على “برنامج قابل للتنفيذ يتشارك به أيضا مع غالبية برلمانية واسعة”.
ويدور خلاف شديد بين الحزبين منذ سنوات. ولكن تشكيل تحالف يشهد إخراج سالفيني من الحكومة يشكل حافزا قويا للتوصل إلى تسوية بين الحزبين.
ووضع الحزب الديموقراطي خمسة شروط على حركة خمس نجوم التي ولدت أصلا للتنديد بالنظام السياسي القائم والفساد الذي ينخره لكنها تضم تيارات عدة وأحدها معاد بشكل كبير للتجربة الوحدوية الأوروبية.
والشروط الخمسة التي عددها زينغاريتي هي “التمسك بالانتماء الى أوروبا، واعتراف كامل بالديموقراطية التمثيلية وبالدور المركزي للبرلمان، والعمل على تنمية قائمة على احترام البيئة، وتغيير كيفية ادارة تدفق المهاجرين مع المطالبة بدور أكبر لأوروبا بهذا الصدد، وتعديل السياسة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بشكل يتيح مزيدا من الاستثمارات”.
وصرح لاحقا لتلفزيون “لا 7” أنه يعارض فكرة بقاء كونتي رئيسا للوزراء، رغم أن حركة خمس نجوم تود بقاءه في منصبه. لكنها قالت انها “ستنتظر حتى نهاية المشاورات”.
وفي محاولة لتشكيل هذا التحالف، قال رئيس الحكومة السابق ماتيو رينزي الذي ينتمي الى الحزب الديموقراطي، أنه لن يشارك في التحالف.
ويعتبره العديد من أعضاء حركة خمس نجوم من النخبة.
وسخر سالفيني الأربعاء من حلفائه في الائتلاف السابق وقال “خلال اسبوع تحولوا من الرابطة إلى رينزي”.
وأضاف “مهما كان شكل الحكومة التي ستظهر، فإن أهدافها ستكون ضد الرابطة”.
خطر الركود
رحبت الأسواق حتى الآن بنهاية حكومة الائتلاف غير المستقرة في ثالث أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، حيث ارتفعت بورصة ميلانو الأربعاء.
ومعدل الديون في البلاد البالغ 132% من إجمالي الناتج المحلي، هو ثاني أعلى معدل في منطقة اليورو بعد اليونان، كما تزيد نسبة بطالة الشباب حاليا عن 30%.
وتجد الحكومات المتتالية صعوبة مستمرة في خفض مستويات الدين والبطالة.
وقالت جين فولي المحللة في رابوبنك ان “المشهد السياسي غير المتجانس في ايطاليا وتحديات الميزانية التي يواجهها ذلك البلد تتجاوز كونها أزمة دين سيادي”.
ويتعين على روما تمرير الميزانية خلال الأشهر الخمس المقبلة وإلا ستواجه ارتفعا تلقائيا في ضريبة القيمة المضافة التي ستكون الأسر المنخفضة الدخل الأكثر تضررا بها وقد تُدخل البلاد في ركود اقتصادي.
وصرح اندريا مونتانينو كبيرة الاقتصاديين في الاتحاد العام للصناعات الإيطالية “وصلت الأزمة إلى مفترق خطير بالنسبة لأوروبا وسط مخاطر حدوث ركود في ألمانيا وتشكيل مفوضية أوروبية جديدة، ويمكن أن يكون سببا رئيسيا في تدهور الثقة في منطقة اليورو”.
وعقب انتخابات العام الماضي، تشكلت الحكومة بعد أشهر من المشاورات الصعبة.
وأوضح ماتاريلا أنه يريد انتهاء المشاورات بسرعة لكن الخلافات بين الحزب الديموقراطي وحركة خمس نجوم عميقة، وهو ما يمكن أن يعقد جهود تشكيل ائتلاف.
وسيحتاج تشكيل تحالف بين الحزبين الحصول على دعم الأحزاب الأصغر لتشكيل حكومة فعّالة. (أ ف ب)