سمير عطا الله
إلى هذه السوق، المبنية الآن بخليط من حجارة وخشب الجاهلية، وآخر، آخر، آخر معطيات «الهاي تك»، كانوا يأتون في الزمان القديم إلى أشهر أسواق العرب: من العراق والشام وفارس واليمن؟ يعرضون في سوقها الأغنام والأنعام، والطيب والحرير، والسمن واللبن، والسمن والعسل. والشعر، طرب العرب وكبرياؤهم. وإذا كانت السلع جاءت من كل صقع، فأصحاب المعلقات السبع جاءوا جميعاً من أصقاع السعودية، كما يقول الدكتور زياد إدريس، السفير السابق لدى «يونيسكو».
القاعة الكبرى هذا العام كانت لزهير بن أبي سلمى. أرقى أنواع القماش وأرق مكبرات الصوت للقراءة من «حالياته»، وتفصيل لشجرة العائلة. ما من شاعر آخر، ربما في العالم، كان له من أقرباء وأنساب في الشعر، ما كان لهذا الرجل الذي عاش مائة حول، وكتب معلقته «سئمت تكاليف الحياة» وهو في الثمانين.
ولم تقتصر فعاليات المهرجان على المعلقات والقراءة منها على شاشات هائلة الحجم. وكان عنترة يقرأ علينا، وقد أرخى جدائله، واستند إلى حربته من معلقته العذبة، حين قرأنا أن باحثاً عربياً توصل إلى الاكتشاف بأن لا وجود لعبلة ولا لدارها، وإنما اخترعها فارسنا من أجل تزويق الشعر وتجميل الرواية.
يفهم المرء أن تكون بعض الأبيات نُسبت إلى عنترة. فليس معقولاً أن حمَّاد الراوية قد حفظ كل ما قيل إنه حفظ. أما أن عبلة كلها اختراع ابن عمها، فماذا تريد برهاناً أكثر من قوله:
فبعثت جاريتي فقلت لها اذهبي
فتجسسي أخبارها لي واعلمي
إلى اللقاء…