* صلاح لبيب
نسفت الولايات المتحدة المبادرة الفرنسية الرامية إلى إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني بإعلان واشنطن عن عقوبات على شبكة واسعة من الشركات والسفن والأفراد بزعم أن الحرس الثوري الإيراني يديرها، وأنها زودت سوريا بنفط قيمته عشرات الملايين من الدولارات، في انتهاك للعقوبات الامريكية
العقوبات الجديدة التي فرضتها امريكا جاءت وسط مفاوضات جادة تجريها باريس مع طهران لتلافي أي تصعيد عسكري وأملا في احتواء الصدام إلا أن امريكا فرضت عقوبات واسعة شملت ستة عشر كيانا وعشرة أشخاص وإحدى عشرة سفينة وهو ما تزامن مع إعلان إيران تقليص التزاماتها التي ينص عليها الاتفاق النووي ما لم تخفف واشنطن من ضغوطها
المبادرة الفرنسية كانت تقوم في الأساس على تعهد أوروبي بتبني خط ائتمان نفطي لإيران تصل قيمته إلى خمسة عشر مليار دولار في مرحلته الأولى حتى نهاية العام الجاري وبحسب تصريح لوزير خارجية فرنسا جون إيف لودريان أول أمس فإن موافقة امريكا ستكون ضرورية لترتيب خطوط تمويل لإيران بضمان صادراتها النفطية
الإهانة الامريكية لباريس عاصمة النور كانت بالغة فيما يتعلق بالمبادرة إذ جرى فرض العقوبات الامريكية على طهران بينما كان وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير يجري اجتماعات في واشنطن لبحث إمكانية موافقة امريكا على استئناف إيران صادراتها النفطية
الأمر لا يتجاوز مسارين : إما أن امريكا وفرنسا تلعبان لعبة الشرطي الطيب والشرطي السيء مع إيران أملا في إخضاعها والقبول بأقل مما تطالب به طهران في مباحثات مبادرة باريس وإما أن واشنطن أرادت إغلاق باب التفاوض مع الإيرانيين وهي ماضية في ذلك من خلال التصعيد أملا في تضييق الخناق على طهران بالعقوبات لفصل الشعب عن قيادته السياسية لفتح الباب أمام ربيع آخر في الأراضي الإيرانية
الإجهاز الامريكي كان واضحا على كل جهود أوروبا ، التي كانت تلزم إيران بوقف سياسة خفض الالتزام ببنود الاتفاق النووي والالتزام الكامل به كذلك الالتزام بضمانات بشأن أمن الخليج ومضيق هرمز وقبول فتح مفاوضات بعد عام ألفين وخمسة وعشرين حول البرنامج النووي، وهو العام الذي حدده الاتفاق كسقف زمني لعمليات الرقابة والتفتيش غير التقليدية
والرد إيراني على العقوبات الامريكية وانهيار مبادرة باريس جاء بإعلان الرئيس الإيراني حسن روحاني انطلاق الخطوة الثالثة بخفض التزامات بلاده النووية ودعا منظمة الطاقة الذرية إلى القيام بما تحتاجه البلاد في مجال الأبحاث وتنمية التكنولوجيا النووية
روحاني أكد أن إجراءات بلاده ستكون في إطار قوانين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهناك فرصة لمدة ستين يوما أمام الجانب الأوروبي ومتى ما التزموا بتعهداتهم فإيران ستعود إلى التزاماتها بشأن الاتفاق النووي
لكن أخطر ما هدد به روحاني ردا على خطوات واشنطن كانت أن الخطوة التالية لإيران في برنامجها النووي تتضمن تطوير أجهزة الطرد المركزي وهدد بأن بلاده ستتخذ هذه الخطوة غدا الجمعة وهو ما يعني وفق الرؤية الامريكية والإسرائيلية “قرب الوصول للقنبلة النووية” رغم أن طهران تنفي رغبتها في افتناء سلاح نووي.
*كاتب مصري