ـ تونس ـ من امال مهديبي ـ كشف تقرير يرصد تداعيات الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها في تونس نشر مساء السبت، أن النتائج التي أقصت المنظومة الحاكمة وأفرزت أسماء جديدة لا عهد لها بالممارسة السياسية قد تعجل بإقصاء حركة “النهضة” الإسلامية التي تسيطر على المشهد السياسي منذ أكثر من ثماني سنوات.
وجاء في التقرير أن ما حصل في هذه الانتخابات السابقة لأوانها “زلزال وصفعة وثورة انتخابية تقريبًا ترجمت إلى تحطّم “السيستام” إلى شظايا متناثرة، أُفول ما يسمّى بالعائلة الوسطية الحداثية وذهاب ريحها، نهاية اليسار في نسخته التقليدية، انكسار الموجة الثورجية الأولى وسقوط حرّ لحركة النهضة”.
واعتبر التقرير أن نتيجة مرشّح حركة النهضة عبد الفتاح كانت سقطة مدوّية ربّما ستكون أصداؤها في الداخل عبر تراجع منتظر ومنطقي في التشريعيات بالنظر مع ما حصل في الرئاسيات مع ما يتزامن معه ضرورة من خروج من الحكم، وهي فرضية أصبحت واردة، وفق التقرير.
ورصد التقرير الذي نشرته جريدة “الشارع المغاربي” الأسبوعية في تونس التراجع التدريجي للحركة الإسلامية على امتداد الاستحقاقات الانتخابية التي خاضتها منذ 2011 مشيرًا إلى أن ”أكثر من مليون ونصف المليون صوت في انتخابات المجلس التأسيسي 2011، أقل من مليون في محطة 2014، نصف مليون في الانتخابات المحلية لسنة 2018 وهزيمة أخيرة لمرشّحها مورو في رئاسيات 2019 بعد خروجه من الدور الأوّل أمام مرشّح في حالة إيقاف داخل السجن وآخر خارج كلّ منظومة وبلا حزب أو ”ماكينة“ مؤكدا أن التوصيف الأمثل لمسار حركة النهضة منذ 2011 هو الانهيار والسقوط الحرّ والانحسار الكبير في شعبيتها وجماهيريتها.
وأكد هذا التقرير أنّ “حركة النهضة تتحمّل بقسط وافر مسؤولية هزائمها المتتالية والمتراكمة، كما تتحمّل أيضًا المسؤولية السياسية والأخلاقية في التصويت العقابي للتونسيين يوم الأحد الـ 15 من أيلول / سبتمبر 2019 الذي ترجم عبر لفظ وكنس واضح لنظام المافيات واللصوص وتجار الدين وهي التي كانت ركنًا ركينًا فيه ورافعة له”، حسب نص التقرير.
ولفت التقرير إلى أن الحركة كانت ومنذ 2011 الحزب الأكبر والأقوى ولم يحصل التوازن السياسي إلّا لسنوات قليلة مع حزب “نداء تونس” الذي ساهمت في تفتيته عبر اللعب في بيته الداخلي وترغيب وغواية جناح على آخر أو ترهيب البعض عبر وسائل أفضت إلى تشتت الحزب وذهاب ريحه.
وحسب التقرير فإن الحركة لعبت منذ 2011 وحدها تقريبًا على السّاحة السياسية، التهمت المؤتمر من أجل الجمهورية، سحقت “التكتّل”، أنهكت نداء تونس وتركت رئيسه (الباجي) معزولًا ووحيدًا في قصره، وزينت ليوسف الشاهد أنّ بإمكانه أن يكون خليفة الرئيس في قرطاج فانقلب على الباجي وأسّس حزبًا مستنسخًا خرج من تحت عباءة الشيخ الغنوشي…. ولكلّ هذه الأسباب تتحمّل النهضة مسؤولية خياراتها واختياراتها التي حرّكتها “آلية التمكين” الحزبي فحسب دون نظر أو اكتراث للمسألة الوطنية.
وكان التقرير يشير إلى تجربة الحركة في الحكم عقب فوزها في الانتخابات التأسيسية سنة 2011 وتحالفها مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الذي كان يرأسه المنصف المرزوقي ومكنته من رئاسة الجمهورية وحزب التكتل الذي كان يرأسه مصطفى بن جعفر، وعينوه رئيسًا للمجلس التأسيسي، فيما استأثرت هي برئاسة الحكومة .
وفي انتظار تقييم الحركة لأدائها في الرئاسية تؤكد المؤشّرات الأولى أنّ النهضة ستدفع ثمن خسارتها للرئاسيات وخاصّة ثمن خيار مجلس شوراها لمّا تعنّت وذهب في خيار ”مرشّح خاصّ بالنهضة“ وستكون التداعيات أكيدة على الانتخابات التشريعية التي من المنتظر ألّا تتجاوز الحركة فيها وفي أقصى الحالات الأربعين مقعدًا وذلك بالنّظر إلى حصيلة الرئاسيات وإلى التشتّت الكبير المنتظر في الاستحقاق التشريعي، والتوزّع المتجدّد لخزّانها الانتخابي… حينها ستتحوّل النهضة بالضرورة في البرلمان الجديد إلى كتلة متساوية أو تكاد مع كتل أخرى صاعدة بانت ملامحها الأولى يوم الأحد الماضي، وسيكون المأزق السياسي أمرًا واقعًا، كما رجّح مراقبون، وسيصبح تشكيل أغلبية مسألة عسيرة، ومن ثمة فالمأزق السياسي منتظر وفرضية خسارة الحكم واردة تتحمّل النهضة جزءًا كبيرًا من المسؤولية فيها، وفق التقرير.