شرق أوسط
رجل أعمال ساخط يهز مصر بفيديوهات يبثها من المنفى
ـ القاهرة ـ تسببت فيديوهات واسعة الانتشار بثها رجل أعمال مصري هذا الشهر على الانترنت من منفاه في اسبانيا واتهم فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي والجيش بالفساد في اندلاع تظاهرات نادرة وتوقيف أكثر من 500 شخص.
محمد علي، 45 سنة، وهو ممثل غير معروف الى جانب عمله الأساسي كمقاول، زعم في أول فيديو بثه في الثاني من أيلول/سبتمبر أن الجيش المصري أساء استخدام وبدد بتوجيهات من السيسي ملايين الجنيهات من الأموال العامة.
وادعى محمد علي كذلك أن الجيش مدين له بمئات الملايين من الجنيهات قيمة مشروعات قامت ببنائها شركة أملاك كان يمتلكها في مصر، من بينها قصور رئاسية للسيسي.
ولم يقدم محمد علي الذي يقول أنه هرب الى أسبانيا قبل قرابة عام، اي دليل ملموس لتأكيد ادعاءاته.
وفي كليب مدته دقيقة واحدة مساء الاثنين، قال أنه يختبئ وأن السلطات المصرية عرفت مكانه وحمل الحكومة الاسبانية المسؤولية في حال تعرضه للتصفية.
وأشار محمد علي الى بعض الأماكن التي أقام فيها السيسي استراحات فاخرة في القاهرة والاسكندرية ومناطق اخرى على ساحل المتوسط.
ونفى السيسي هذه الادعاءات في تصريحات أدلى بها في 14 أيلول/سبتمبر مؤكدا أنها “كذب وافتراء”.
ولكنه قال كذلك أنه بنى قصورا رئاسية من أجل مصر وليس من أجل شخصه.
“ثورة شعب”
وبعد التظاهرات المحدودة التي اندلعت خلال عطلة نهاية الاسبوع الماضي، دعا محمد علي المصريين الى “تظاهرة مليونية” الجمعة المقبل لانهاء حكم السيسي.
وقال في ندائه على فيسبوك “هذه ثورة شعب”، داعيا المصريين الى أن يكونوا يدا واحدة وأن يتحركوا معا في أعداد كبيرة باتجاه الميادين الرئيسية في مختلف المدن.
ومنذ أن بدأ في بث فيديوهاته التي شاهدها الملايين، خصوصا على فيسبوك ويوتيوب، اتسع الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي حول المصالح الاقتصادية الواسعة للجيش المصري.
وبعد الجدل، اندلعت تظاهرات نادرة الحدوث شارك فيها المئات في عدة مدن مصرية يوم الجمعة والسبت الماضيين وكانوا يهتفون “ارحل يا سيسي”.
وواقعيا حظرت السلطات المصرية التظاهر منذ أن أصدرت قانونا يضع قيودا شديدة على التظاهر عقب اطاحة الجيش للرئيس الاسلامي الراحل محمد مرسي عام 2013.
وقد فاجأت التظاهرات السلطات. وردت قوات الامن بالقنابل المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش في السويس السبت الماضي. وتم توقيف أكثر 500 شخص منذ وقوع هذه التظاهرات، وفقا لمنظمات حقوقية محلية.
وفي فيديوهات يبثها بشكل شبه يومي، يظهر علي بقميص نصف ازراره مفتوحة وهو يدخن بشراهة سجائر مارلبورو حمراء ويسخر من السيسي مستخدما لهجة وتعبيرات شعبية.
وقال مخاطبا السيسي في اول فيديو له في الثاني من ايلول/سبتمبر “تقول إن المصريين فقراء للغاية وإنه ينبغي شد الحزام ولكنك ترمي على الأرض مليارات ورجالك يهدرون الملايين”. وكان السيسي قال في في كانون الثاني/يناير 2017 “نحن (المصريون) فقراء جدا”، في سياق حديث عن محدودية إمكانيات الدولة المصرية.
اقتصاد معتم
ونشرت النسخة الاسبانية من مجلة فانيتي فير ماغازين سيرة ذاتية لمحمد علي في تموز/يوليو الماضي وصفته فيها بأنه “الفرعون الكتالوني” مشيرة الى أصوله الاجتماعية المتواضعة.
وقال محمد علي أنه يطمح الى بناء جامعة على الساحل الاسباني على شكل هرم زجاحي على غرار ذلك الموجود في متحف اللوفر في باريس.
وفي أكثر من فيديو قال إنه عمل مع الجيش لقرابة 15 عاما. وعلى موقع شركته توجد صور لمشروعات نفذتها لصالح الجيش المصري.
وحاولت وكالة فرانس برس أكثر من مرة الاتصال بالممثلين الاعلاميين لمحمد علي في برشلونة ولكنها لم تتلق ردا.
وكان مقر شركة “أملاك” في ضاحية التجمع الخامس الراقية بشرق القاهرة مهجورا حين تفقدته فرانس برس في وقت سابق هذا الشهر.
وقال صاحب الفيلا المكونة من طابقين التي كانت تستأجرها “أملاك”، “لقد تركوا المكان منذ عامين”.
وتم تسجيل أملاك كشركة في برشلونة في شباط/فبراير الماضي برأسمال 1،25 مليون يورو، وفقا للسجل التجاري المنشور على الانترنت.
واثارت الحياة الفاخرة التي يعيشها في ما يبدو محمد علي تساؤلات حول دوافعه لمهاجمة الجيش.
وفي وقت سابق هذا العام، نشر علي صورة لسيارة فيراري اشتراها زاعما انها كانت مملوكة قبله للاعب برشلونة ليونيل ميسي.
ومنذ سنوات ينتج الجيش المصري سلعا ومواد غذائية متنوعة بدءا من الغسالات وصولا الى المعكرونة. كما يقوم بأعمال بنية أساسية ويدير محطات لتوزيع وقود.
ومنذ وصول السيسي للرئاسة أصبح الدور الاقتصادي للجيش أكثر بروزا خصوصا مع قيامه بتوزيع منتجات غذائية متدنية السعر نسبيا لمواجهة الارتفاعات القياسية للأسعار التي شهدتها الأسواق المصرية بعد تحرير سعر صرف العملة المحلية في تشرين الثاني/نوفمبر 2016.
ولكن من الصعب تقدير حصة الجيش في الاقتصاد المصري. وفي ديسمبر 2016، قال السيسي أن هذه الحصة لا تتجاوز 2% من الاقتصاد القومي. (أ ف ب)