شرق أوسط

قرية يمنية تودّع 15 قتيلا من أسرة واحدة بالغضب والصدمة

ـ دبي ـ أمضى مسعفون وأهالي قرية الفاخر في جنوب اليمن أكثر من 12 ساعة في انتشال جثث ضحايا هجوم جوي من بين ركام منزل سكني، هم 15 فردا من أسرة واحدة: أبوان، ثلاث أمهات، سبعة أطفال، وثلاثة أقرباء آخرين.

وبعدما جمعت الأشلاء، ونقلت الجثث إلى مستشفى قريب، أعيدت جميعها إلى القرية في محافظة الضالع الأربعاء، ليتم دفنها في مقبرة على أيدي سكان المنازل المجاورة لمنزل أسرة الحالمي، وسط شعور عارم بالصدمة والغضب.

وقال سالم الحالمي، أحد أفراد العائلة والذي يسكن في قرية أخرى، عبر الهاتف لوكالة فرانس برس “الشعور العام هو كأّن سكان القرية قتلوا جميعهم”. وأضاف “لم يتخيّل أحد أن يقتلوا بهذه الطريقة. كانت عائلة مسالمة”.

وصباح الثلاثاء، تعرّض منزل عباس الحالمي (38 عاما) لضربة جوية قال مسؤول محلي إنّ التحالف العسكري بقيادة السعودية يقف خلفها. وما إن وصل مسعفون وأهالي منازل قريبة للموقع، حتى تعرّض المنزل لضربة أخرى.

وقتل في الهجوم عباس وزوجته وأولاده الخمسة، أكبرهم حماس (11 عاما) وأصغرهم عبدالله (ثلاثة أشهر). وقتل كذلك شقيقه جمال وزوجته وطفلاه، جمال (عام واحد)، وفاطمة (عامان). كما قتلت زوجة شقيقهما، وابنها، وشقيقها، بالاضافة إلى قريبة لهم.

وأكّدت الأمم المتحدة في بيان مقتل 15 مدنيا في المنزل في قرية الفاخر، بينما طلب متحدث باسم التحالف العسكري معلومات عن الهجوم عندما سألته فرانس برس عن الاتهامات الموجهة للتحالف بالوقوف خلف الضربتين.

وذكر طبيب أنّ شخصا آخر كان خارج المنزل، قتل أيضا في الهجوم، ما يرفع العدد الأجمالي لضحايا الغارة إلى 16.

بن وقات

تعتبر الفاخر محور قتال شرس، كونها واحدة من مجموعة من القرى الواقعة عند خطوط التماس بين المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال اليمن، وقوات الحكومة المعترف بها جنوبا.

وبحسب محمود الشعيبي الناشط الحقوقي في مديرية قعطبة حيث تقع الفاخر، فإن المنطقة “تشهد مواجهات يومية والمعارك فيها تكاد لا تتوقف”.

ويتقاسم المتمردون والقوات الحكومية السيطرة على القرى في هذه المنطقة، وقد سقطت الفاخر في أيدي المتمردين المدعومين من إيران في أيار/مايو الماضي بعد معارك ضارية بين الطرفين، حسبما أفاد مسؤول محلي لوكالة فرانس برس.

عند أحد أطراف القرية التي تحيط بها الجبال والهضاب، يقع منزل عباس الحالمي.

وكان الأب يعمل مع شقيقيه وآخرين في حقول قريبة على زراعة البن ونبتة القات. وعادة ما يغادر هؤلاء المنزل صباحا برفقة أطفالهم للذهاب إلى الحقول والمدرسة، إلا أن الغارة صباح الثلاثاء سبقت خروجهم من البيت.

ولم يتبق من المنزل الاسمنتي سوى كومة من الركام والأخشاب، يتوسّطها قميص بنفسجي ، وقطعة مستطيلة من الحديد الأزرق.

وقال سالم الحالمي “لم تكن لهم أي علاقة بالصراع. لم يكونوا مع أحد. كانت عائلة سعيدة، ودائما ما كانوا يتجنبون المشاكل ويبحثون عن الأمان”.

وتابع “هناك غضب وصدمة. نريد كشف الحقيقة لاننا أولياء الأمر”.

أموال الحرب

ومنذ 2014، يشهد اليمن حرباً بين المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران، والقوات الموالية لحكومة الرئيس المعترف به عبد ربه منصور هادي، وقد تصاعدت حدّة المعارك في آذار/مارس 2015 مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عسكري دعماً للقوات الحكومية.

وأوقعت الحرب حوالى 10 آلاف قتيل وأكثر من 56 ألف جريح منذ 2015 بحسب منظمة الصحة العالمية، غير أنّ عدداً من المسؤولين في المجال الانساني يعتبرون أن الحصيلة الفعلية أعلى بكثير.

كما يشهد اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم حيث يواجه ملايين خطر المجاعة، وسط انتشار للأمراض، وانهيار للاقتصاد وقطاعات التعليم والصحة وغيرها.

وتتّهم منظمات حقوقية أطراف النزاع بارتكاب جرائم حرب في اليمن حيث يدفع المدنيون الثمن الأكبر للصراع على السلطة.

وقبل ساعات من الضربتين ضد منزل أسرة الحالمي، قتل سبعة مدنيين بينهم نساء وأطفال من أسرة واحدة أيضا في غارة أخرى أصابت مسجدا في عمران شمال اليمن، حسبما أفادت الأمم المتحدة في بيان.

وقالت ليز غراندي منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن “حان الوقت الذي يجب فيه على الجميع إيجاد طرق لإنهاء هذه الحرب الشنيعة. ولكن تجبر الأسر بدلا من ذلك على دفن أحبتها ومعالجة جرحاها”.

وتابعت “إنه أمر قاسٍ ومؤلم للغاية”.

في قعطبة، يشعر الشعيبي بأن الحرب في المديرية الواقعة عند خطوط التماس والتي يبلغ عدد سكانها نحو 70 ألف نسمة، بعيدة من نهايتها.

وعلق “هذه حرب بالوكالة بين إيران والسعودية. الشعب اليمني فقير، وطالما أن الأموال السعودية والإيرانية مستمرة، ستتواصل الحرب”. (أ ف ب)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق