أوروبا
بريطانيا ستقدّم للاتحاد الأوروبي الأربعاء “عرضاً نهائياً” بشأن بريكست
ـ مانشستر ـ أعلنت لندن الثلاثاء أنّ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون سيقدّم للاتحاد الأوروبي الأربعاء “عرضا نهائيا” لاتفاق حول بريكست، محذّرة من أن البديل عن ذلك سيكون خروج المملكة من الاتحاد من دون اتفاق.
وأوضحت رئاسة الحكومة أنّ جونسون سيعرض تفاصيل “تسويته المنصفة والمعقولة” خلال خطاب سيلقيه في ختام مؤتمر حزب المحافظين في مانشستر، في شمال غرب إنكلترا.
لكن بياناً صدر في وقت متأخر من ليل الثلاثاء شدّد على أنّ العرض “نهائي” وأنّ جونسون سيفي بوعده بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأول/أكتوبر، باتفاق أو بدونه.
وجاء في البيان “إن لم تقبل بروكسل العرض الذي سيقدّم غداً، لن تجري هذه الحكومة مزيداً من التفاوض حتى موعد خروجنا من الاتحاد الأوروبي”.
وتابع البيان أن جونسون لن يسعى “بأي حال من الأحوال” إلى إرجاء بريكست في القمة الأوروبية التي ستعقد يومي 17 و18 تشرين الأول/اكتوبر.
ومن المتوقّع أن يقول جونسون في ختام مؤتمر حزبه “دعونا نحقق بريكست، يمكننا ذلك، علينا فعل ذلك، وسنفعله”.
ووصل جونسون إلى السلطة في تموز/يوليو متعهدا مغادرة الاتحاد الأوروبي في 31 تشرين الأول/أكتوبر مهما حصل بعدما أجّلت ماي بريكست مرتين في إطار مساعيها للتوصل إلى اتفاق.
لكن جونسون وعلى غرار رئيسة الوزراء السابقة تيريزا ماي يواجه معارضة كبيرة في مجلس عموم كما وتعقيدات إنهاء عضوية في الاتحاد الأوروبي دامت أربعين عاما.
ويسعى جونسون لإعادة التفاوض على شروط الانفصال التي توصلت إليها ماي خلال مفاوضاتها مع التكتل والتي رفضها البرلمان البريطاني ثلاث مرّات.
فرنسا تحذّر من مخاطر بريكست من دون اتفاق
من جهته، أكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الثلاثاء أمام البرلمان الفرنسي أن الاتحاد الأوروبي “لا يزال منفتحا على أي اقتراح آخر (شرط أن) يكون متوافقا مع اتّفاق الانسحاب”.
وحذّر لودريان بأنه في ظل غياب أي مقترحات من هذا النوع، تبقى فرضية “الانسحاب في 31 تشرين الأول/أكتوبر من دون اتفاق هي الأكثر ترجيحا”.
وحذّرت شركة “نيسان” لصناعة السيارات من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق سيدفعها إلى إعادة النظر في قرارها تصنيع طرازها “كاشكاي” في بريطانيا، في موقف يضع آلاف الوظائف في مهب الريح.
وجونسون مصمم على إلغاء العنصر الأكثر إثارة للجدل في اتفاق ماي، أي خطة “شبكة الأمان” التي تنص على بقاء بريطانيا خاضعة لقواعد الاتحاد الأوروبي للسماح بتدفق البضائع بدون قيود بين إيرلندا الشمالية التابعة لبريطانيا وجمهورية إيرلندا (العضو في الاتحاد الأوروبي) بعد بريكست.
وفي حين يبقي الاتفاق الذي أبرمته ماي بريطانيا ضمن الاتحاد الجمركي للتكتل، يعتبر معارضوه أنه يبقي البلاد خاضعة لقواعد بروكسل إلى ما لا نهاية.
وأوردت صحيفة “ديلي تلغراف” أن جونسون يريد بدلا من ذلك إبقاء إيرلندا الشمالية ضمن السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي حتى العام 2025، ولكن ضمن وحدة جمركية مع بقية أراضي بريطانيا.
وكان جونسون نفى في وقت سابق تقارير إعلامية عن سعيه لإقامة نقاط مراقبة جمركية على طول الحدود الإيرلندية، مما أثار غضب دبلن.
ومن شان ذلك أن يثير جدلا واسعا، بما أن إلغاء النقاط الحدودية اعتبر عاملا رئيسيا في إحلال السلام في إيرلندا الشمالية بعد أعمال عنف حول الحكم البريطاني استمرّت ثلاثة عقود أوقعت آلاف القتلى.
وقال رئيس الوزراء الإيرلندي ليو فارادكار “يجب ألا تسعى أي حكومة بريطانية إلى إقامة نقاط مراقبة جمركية بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا”.
لكن جونسون اعتبر أن “الواقع” يفرض وجود نقاط تفتيش في مكان ما بعد بريكست.
وقال لشبكة “بي بي سي” البريطانية “نعتقد أن نقاط التفتيش تلك يمكن أن تقتصر على الحد الأدنى وأن تكون غير نافرة وألا تتطلب بنى تحتية جديدة”.
معارضة كبيرة في مجلس العموم
وأرجأت ماي بريكست مرّتين بعدما فشلت في إقرار اتفاقها في مجلس العموم.
بدوره يواجه جونسون معارضة كبيرة في المجلس وقد خسر مؤخرا الأغلبية الضئيلة التي كان يمتلكها في حزبها على خلفية الاعتراض على استراتيجيته لبريكست.
وانضم 22 نائبا من حزب المحافظين إلى المعارضة من أجل تمرير قانون يفرض على رئيس الوزراء طلب إرجاء خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي إذا ما فشل في التوصل لاتفاق قبل موعد دخول بريكست حيّز التنفيذ.
وبعدما تعرّض لنكسة الأسبوع الماضي إثر اعتبار المحكمة العليا قراره تعليق جلسات المجلس، أصر جونسون على رفض إرجاء بريكست تحت أي ظرف.
لكن في حين يحظى تشدده بشعبية في أوساط حزبه ومؤيدي بريطست، يبقى السبيل الأمثل لتحقيق هدفه التوصل لاتفاق خلال الأسبوعين المقبلين.
وفي حال نجح في ذلك يبقى عليه تمرير الاتفاق في مجلس العموم، حيث يلقى معارضة كبيرة.
وأثار حفيظة النواب المؤيدين للاتحاد الأوروبي عبر اتّهامه لهم ب”الاستسلام” لبروكسل و”خيانة” نتيجة استفتاء 2016 لصالح بريكست.
وحذّر النواب المشككون بالاتحاد الأوروبي من أنهم سيرفضون كذلك أي اتفاق لا يفضي إلى انفصال تام عن التكتل. (أ ف ب)