شمال أفريقيا
حزب “النهضة” في تونس بين المشاركة في الحكم والتمسك بمبادئ الثورة
ـ تونس ـ يحاول حزب “النهضة” ذو المرجعية الإسلامية الذي خسر الانتخابات الرئاسية في تونس نتيجة “تصويت عقاب” ضد المنظومة الحاكمة، استعادة موقعه من خلال الانتخابات النيابية المقررة الأحد رافعا من جديد لواء الدفاع عن مبادئ الثورة.
ويرى المحلل السياسي حمزة المدب أن الانتخابات التشريعية مهمة جدا بالنسبة لحركة النهضة التي شاركت في كل الحكومات المتعاقبة تقريبا منذ ثورة 2011. وقد تحدث لوكالة فرانس برس عن الحزب ومستقبله.
س: ماهي استراتيجية حزب النهضة لتفادي تصويت العقاب الذي يستهدف الأحزاب السياسية المشاركة في الحكم؟
ج: دأبت “النهضة” في استراتيجيتها منذ 2011 على المشاركة في الحكم، فلم تسلم من تصويت العقاب. خسر الحزب حوالى 80 ألف صوت بين الانتخابات البلدية منتصف 2018 والدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية في أيلول/سبتمبر. وتدرك قيادات الحزب جيّدا أن هذا التراجع سيتواصل خلال الانتخابات التشريعية.
أعلن الحزب إثر هزيمة مرشحه التاريخي عبد الفتاح مورو دعمه للأستاذ الجامعي الذي حلّ أولا في نتيجة الدورة الأولى قيس سعيّد والذي تبنّى شعارات الثورة. كان ذلك شكلا من أشكال القول بأنه فهم رسائل قواعده التي لم تستسغ انحرافات الحزب والتنازلات التي قدمها عبر التحالف مع حزب “نداء تونس” ولم تجنِ منه ثمارا.
لم يتمكن الحزب من تحسين السياسات الاقتصادية للحكومة ولم يحصل على تعويضات عن الأضرار والقمع التي لحقت بإسلاميين زمن حكم الدكتاتورية.
تحدث الحزب كذلك عن تحالفات مع “قوى الثورة” و”ضد الفساد”. وهي طريقة للتعبير عن معارضته لنبيل القروي (رجل الإعلام والأعمال الذي تأهل للدورة الرئاسية الثانية والموقوف بتهمة غسل أموال) ولحزبه “قلب تونس” الذي يتوقع أن يحصل على موقع متقدم في التشريعية، وذلك لتطمين وتعبئة قواعده الانتخابية التي لم تعد وفية له تماما.
تخوض النهضة للمرة الأولى منافسة مع حزب “ائتلاف الكرامة” برئاسة المحامي سيف الدين مخلوف الذي استغل الفراغ الذي تركته النهضة باقترابها من الوسط.
ستحاول النهضة استرجاع أصواتها وأصوات مئات الآلاف من الناخبين الشباب الذين صوّتوا لقيس سعيّد وللمحافظ المنفتح لطفي المرايحي في الدورة الرئاسية الأولى.
– “تبقى النهضة اصلاحية” -س: هل يعني هذا بالضرورة نهاية استراتيجية التوافق مع قطب وسطي ميّز المشهد السياسي التونسي منذ 2014؟
ج: من السابق لأوانه الحديث عن تحالفات الآن ستقام بعد الانتخابات حين يتم تحديد موازين القوى.
حين تؤكد قيادات النهضة أنها ترفض التحالف مع “الفاسدين”، فهذا لا يعني أنها في طور تغيير استراتيجيتها والتفكير في البقاء في المعارضة بين ليلة وضحاها بالرغم من أن هذا هو خيار بعض القيادات داخل الحزب.
تدرك النهضة أن التحالف مع “القوى الثورية” فقط لا يمكنها من تشكيل حكومة.
سمعنا حديثا عن لقاء بين رئيس الحزب راشد الغنوشي والقروي بخصوص تحالف محتمل شبيه بالاتفاق الذي حصل في 2014 مع “نداء تونس”.
تبقى النهضة حزبا إصلاحيا، لا يريد كسر النظام بل التغلغل فيه. وهي مستعدة لإقامة التوافقات الممكنة مع كل التوجهات السياسية من أجل تحقيق هذا الهدف.
-“انقسامات عميقة”-س: هل استمرار الحزب متوقف على نتيجته في التشريعية؟
ج: وصلت النهضة الى منعطف في تاريخها وستصارع من أجل بقائها ليس في هذه الانتخابات ولكن على مدى متوسط. ظهرت انقسامات داخلية عديدة منذ سنة حول سياسة التوافقات التي تتعرض لمعارضة متزايدة.
يعقد الحزب في 2020 مؤتمره العام لتجديد قواعده وانتخاب رئيس وهيئات جديدة.
وكان الغنوشي يأمل التقدم نحو ولاية ثالثة على رأس الحزب، لكن هذا الأمر سيكون صعبا إذا تواصل التدهور الانتخابي، كأن تجد النهضة نفسها مع أقل من خمسين مقعدا برلمانيا بعد أن فازت ب89 في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عام 2011.
وانطلق السباق حول خلافة الغنوشي وسط انقسامات عميقة ممكن أن تفضي الى انشقاقات.
بعد الانتخابات الحالية، لن تجرى انتخابات قبل 2013. ومن المحتمل أن تكون انتخابات 2019 هي الأخيرة التي تخوضها النهضة موحدة. (أ ف ب)