السلايدر الرئيسيشمال أفريقيا
العاهل المغربي في افتتاحه للبرلمان يوصي بالقطع مع الانتهازيين ويساوي المغاربة في الخدمة العسكرية
فاطمة الزهراء كريم الله
– الرباط- في افتتاحه للدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية العاشرة، والتي تأتي طبقا لمقتضيات الفصل 65 من الدستور، تطرق الملك محمد السادس في خطابه لهذه المناسبة، إلى موضوع النموذج التنموي الوطني، حيث قال: إنه “إذا كان من الطبيعي أن يأخذ هذا الموضوع المصيري، بالنسبة لمستقبل المغرب، وقتا كافيا من التفكير والحوار، فإننا نعتقد أن هذا الورش الوازن قد بلغ مرحلة متقدمة من النضج تقتضي الإسراع بتقديم المساهمات، وذلك في غضون الثلاثة أشهر المقبلة”.
وقرر الملك، تكليف لجنة خاصة، مهمتها تجميع المساهمات، وترتيبها وهيكلتها، وبلورة خلاصاتها، في إطار منظور استراتيجي شامل ومندمج، مع تحديد الأهداف المرسومة له، وروافد التغيير المقترحة، وكذا سبل تنزيله.”
وأضاف العاهل المغربي، أن “الرهانات والتحديات التي تواجه البلاد، متعددة ومتداخلة، ولا تقبل الانتظارية والحسابات الضيقة. فالمغرب يجب أن يكون بلدا للفرص، لا بلدا للانتهازيين. وأي مواطن، كيفما كان، ينبغي أن توفر له نفس الحظوظ، لخدمة بلاده، وأن يستفيد على قدم المساواة مع جميع المغاربة، من خيراته ومن فرص النمو والارتقاء. كما أن الواقع في البلاد يحتاج، أكثر من أي وقت مضى، إلى وطنيين حقيقيين، دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين، وهمهم توحيد المغاربة بدل تفريقهم، وإلى رجال دولة صادقين يتحملون المسؤولية بكل التزام ونكران ذات”.
لم يغفل الملك محمد السادس الحديث عن مشروع قانون الخدمة العسكرية، حيث قال: إن “الخدمة العسكرية تقوي روح الانتماء للوطن، كما تمكن من الحصول على تكوين وتدريب يفتح فرص الاندماج المهني والاجتماعي أمام المجندين الذين يبرزون مؤهلاتهم، وروح المسؤولية والالتزام. موكدا ضمن خطابه على أن جميع المغاربة معنيين، دون استثناء، سواسية في أداء الخدمة العسكرية، وذلك بمختلف فئاتهم وانتماءاتهم الاجتماعية وشواهدهم ومستوياتهم التعليمية”.
في تحليله لما تضمنه مضمون الخطاب، قال محمد لغروس، مدير نشر موقع ” العمق” في اتصال مع صحيفة “”: إن “الخطاب كان موسوما بأجوبة عملية وبرنامجية على عدد من القضايا التي تشكل قلق مجتمعيا في السنتين الأخيرتين، خاصة موضوع التشغيل ومحاربة البطالة المتزايدة، بل أجاب الخطاب حتى عن نقاش موتقع التواصل الاجتماعي من خلال موضوع التجنيد الإجباري وأن لا فرق فيه بين المغاربة مهما اختلفت مستوياتهم الاجتماعية، وهي إشارة تعني أن السلطة التنفيذية تشرح مشروعها القانوني لكن أيضا الأمر يعكس الفراغ الذي أحدثته ضعف وغياب مؤسسات الوساطة ودورها في تأطير المواطنين واقتراح بدائل وتقديم أجوبة للمجتمع”.
المسالة الثانية، يضيف لغروس، هي “حديث الخطاب عن الجدية والمسؤولية والانتماء الوطني ويعقبها بقول أن الوطن ينبغي أن يكون فضاء للفرص وليس للانتهازيين، وهو ما يعني أن حالة اللامسؤولية وضعف الحس الوطني وكثرة الانتهازيين باث سمة واضحة في الدولة والمجتمع المغربي. مما دفع عاهل البلاد إلى دق ناقوس الخطر جراء هذا الانهيار المتنامي لقيم الجدية والمسؤولية والروح الوطنية”.
ويرى مراقبون، أن الاهتمام، الذي أولاه الملك لمشروع قانون الخدمة العسكرية، له دلالات سياسية ذات أبعاد اجتماعية ومستقبلية مرتبطة بالتركيبة المجتمعية لمستقبل البلاد.
وفي خطوة كانت غير متوقعة، دعا العاهل المغربي، في خطاب افتتاح البرلمان، إلى الرفع من الدعم العمومي للأحزاب المغربية، مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار. وأكد أن المؤسسة الملكية حريصة على مواكبة الهيئات السياسية، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، بما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي، ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية.
يأتي الاهتمام الملكي بالمؤسسة الحزبية، في الوقت يرى فيه محللين، أن المشهد الحزبي المغربي تراجعا في تأطير المواطنات والمواطنين وتكوينهم السياسي، وتعزيز انخراطهم في الحياة السياسية، وفي تدبير الشأن العام، والمساهمة في التعبير عن إرادة الناخبين.
في هذا الصدد، قال مدير المركز الأطلسي للدراسات الإستراتيجية والتحليل الأمني، عبد الرحيم منار السليمي: إن “المبادرة الملكية تجاه المؤسسة الحزبية تعد إنقاذا للأحزاب السياسية من الموت البطيء الذي تعيشه، مضيفا أن “المبادرة تأتي في ظل عدم وجود نموذج حزبي في المغرب قادر على مواكبة التحولات المجتمعية التي تشهدها البلاد. وفي وقت باتت جميع الأحزاب متشابهة ومتماثلة فيما بينها، لذلك تأتي عملية إنقاذ الأحزاب عن طريق دعمها بدعم عمومي جديد، لكن ليس بالطريقة المعهودة”.