– غزة – من محمد عبد الرحمن – قبل أن تدق الساعة السادسة صباحاً تجد مئات النساء والرجال جالسين، على الأرض أما أكوام الملابس المستعملة “البالة”، علهم يجدون بعض احتياجاتهم من ملابس وأحذية، تتماشى مع حالاتهم الاقتصادية الرديئة، فهم لا يستطيعون شراء ملابس وأحذية جديدة، فيتوجهون إلى بسطات ومحلات البالة في الأسواق الشعبية.
فتلك الأسواق الفقيرة تعج بإقبال الناس على شراء الملابس القديمة والمستعملة، حيث ويتم استيرادها من أوربا وإسرائيل وتباع في بأسعار تناسب الأسر الفقيرة وأسباب توجه المواطنين لشرائها، عدم قدرتهم على شراء الملابس الجديدة نتيجة الأزمات المتكررة التي يشهدها قطاع غزة.
وفي قطاع غزة تنتشر الأسواق الشعبية، فهناك سوق السبت والأربعاء في مدينتي رفح وخان يونس بجنوب القطاع، إضافة إلى سوق الأحد والاثنين والخميس في وسطه، وسوق الجمعة في حيّ الشجاعية ومنطقة فراس في شرق مدينة غزة.
إقبال كبير
أبو يحي الفراني أحد تجار ملابس البالة، يقول لـ””: “سوق البالة هو المكان الأنسب لدخل الأسر الفقيرة في ظل الظروف الاقتصادية التي يعيشونها، فالمواطنين الذي لا يستطيعون شراء ملابس جديدة يقبلون على شراء الملابس المستعملة” البالة”، فنحن ستورد تلك الملابس من الجانب الإسرائيلي، ومن ثم يتم إنزالها للأسواق.
ويوضح أنه يتم استحضار الملابس البالة، من عدة دول أوروبية وذلك عبر شرائها مع تجار أوربيون يتعاملون في البضائع المستعملة، ويقومون بعرض بضاعتهم للتجار الغزيين عبر صور يرسلونها عبر الانترنت، وإذا ما تم الموافقة عليها يتفقون على السعر، ومن ثم يتم شحنها لميناء أسدود لتدخل قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم الذي تديره السلطات الإسرائيلية.
أحمد الغز “39”عاما وهو صاحب أحد بسطات بيع الملابس المستخدمة في سوق فراس، يؤكد إنه يمتهن شراء هذه الملابس وبيعها منذ (15 عاماً )، وتجارته تلقى رواجاً كبيراً خاصة في هذه الأوضاع.
مضاعفة أعداد الزبائن
ويقول “هناك كثير من الناس غير قادرين على ملابسهم من المحلات، فيتجهون لشراء الملابس والأحذية المستخدمة، التي نشتريها من إسرائيل والدول الأوربية بكميات كبيرة، حيث أنه منذ عامين تضاعف أعداد زبائن بسطات ومتاجر الملابس المستخدمة، فالإقبال على شراء ملابس وأحذية “البالة” بات يشمل موظفي السلطة وموظفي حكومة حماس الذين لا يتلقون رواتبهم.”
يضيف” سعر القطعة داخل الأسواق الشعبيّة لا يتجاوز (2شيقل) أي ما يعادل( نصف دولار) أمريكي، فالأوضاع الاقتصادية صعبة جداً، والناس يأتون إلى هنا بكثرة، يشترون قطعاً من جميع المقاسات والأنواع في الصيف والشتاء”.
في حين تقول أم محمد أم لخمسة أطفال” أجد في بسطات البالة كل ما أرغب من ملابس وحقائب وأحذية، وبأسعار زهيدة، وتكون معظمها مستوردة وتحمل ماركات عالمية تمتاز بجودة الصناعة، وهي أفضل من الملابس الصينية قصيرة العمر، وذات الجودة الرديئة”.
معظم ملابسها من البالة
وتؤكد أم محمد أنها تشتري معظم ملابسها وملابس أسرتها من البالة لتميزها بجوده خامتها، التي يندر وجودها في الملابس الجديدة، معبرة عن رضاها عن مستوى جودة بضائع البالة التي تحمل ماركة أوروبية، فهى لا مثيل لها في الأسواق العادية، وتميزها بأسعارها المناسبة لجميع الطبقات، على حد وصفها.
أبو السعيد حميد موظف حكومي هو الآخر حريص على الذهاب بشكل متكرر على سوق البالة، لشراء مستلزمات أسرته من ملابس وأحذية، واحتياجات أخرى للمنزل بأسعار تتناسب مع دخله المحدود.
ويقول لـ” ” :” الأوضاع الاقتصادية الصعبة، التي نمر بها دفعتا إلى التوجه إلى الأسواق الشعبية، لشراء الملابس القديمة” البالة” لسد الحاجة، نظراً لعدم قدرتنا على شراء الملابس الجديدة، حيث يوجد بتلك الأسواق ملابس بماركات عالمية نحصل عليها بأسعار قليلة جداً على خلاف أسعارها جديدة”.
يكمل حديثه” كون تلك الملابس” البالة” مستعملة أعمل على غسلها جيداً، وتعقيمها بأدوات صحية قبل استعمالها، خوفاً من أن يكون الأشخاص الذين كانوا يستخدموها مصابين بأمراض معدية، وبذبك أحمي نفسي وأبنائي من الخطر”.